(ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبْلِي، وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ) الظاهر أنه أراد غداة اليوم الذي يلي يوم قدومه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا يخالف ما تقدّم في الرواية الأخرى من أنه قال:"فقلت له: يا رسول اللَّه، إني عَرُوس، فاستأذنته، فأذن لي، فتقدّمت الناس إلى المدينة"، فإنه يدلّ على أنه سبق الناس.
ويُمكن الجمع بأن يقال: إنه لا يلزم من قوله: فتقدّمت الناس أن يستمرّ سبقه لهم؛ لاحتمال أن يكونوا لَحِقوه بعد أن تقدّمهم، إما لنزوله لراحة، أو نوم، أو غير ذلك، واستمرّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على سيره حتى دخل المدينة قبله، ثم قدم بعده بالغداة، واللَّه تعالى أعلم.
(فَجِئْتُ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، قَالَ) وفي نسخة: "فقال" ("الْآنَ) منصوب على الظرفيّة، متعلّق بخبر لـ "حين قدمت"، وهو على تقدير أداة الاستفهام؛ أي: آلآنَ، وهو ظرف للوقت الحاضر الذي أنت فيه، ولَزِمَ دخول الألف واللام، وليس ذلك للتعريف؛ لأن التعريف تمييز المشتركات، وليس لهذا ما يَشْرَكه في معناه (١). (حِينَ قَدِمْتَ؟ ") ببناء "حين" على الفتح؛ لإضافتها إلى الفعل الماضي، ويجوز إعرابها، فيُرفع على أنه مبتدأ، خبره الظرف قبله، وإلى هذا أشار ابن مالك في "الخلاصة" بقوله:
(قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("فَدَعْ) أي: اترك (جَمَلَكَ، وَادْخُلْ) المسجد (فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ"، قَالَ) جابر -رضي اللَّه عنه- (فدَخَلْتُ) المسجد (فَصَلَّيْتُ) الركعتين، ففيه استحباب صلاة ركعتين عند القدوم من السفر، واستحباب البداءة بالمسجد قبل البيت (ثُمَّ رَجَعْتُ) أي: إلى جهة حاجته.
والحديث تقدّم تخريجه، وبيان مسائله، وسيأتي أيضًا مطوّلًا في