للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شأن توبته وصاحبيه: هلال بن أميّة الواقفيّ، ومُرارة بن ربيعة العامريّ -رضي اللَّه عنهم- قوله: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} الآية [التوبة: ١١٨].

شرح الحديث:

(عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ) -رضي اللَّه عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ لَا يَقْدَمُ) بفتح أوله، وثالثه، مضارع قَدِم بكسر الدال، قال في "القاموس": وقَدِمَ من سفره، كعَلِمَ قُدُومًا، وقِدْمَانًا بالكسر: آبَ، فهو قادمٌ، وجمعه كعُنُقٍ، وزُنَّارٍ. انتهى (١). (مِنْ سَفَرٍ إلَّا نَهَارًا) فيه استحباب القدُوم في النهار، وإنما كان يفعل ذلك؛ لأنه قد نَهَى أن يطرُق الرجل أهله ليلًا، وقد نَبَّهَ على تعليله في حديث جابر -رضي اللَّه عنه-، قال: "نَهَى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يَطْرُق الرجل أهله ليلًا، يتخَوَّنهم، أو يلتمس عَثَرَاتهم"، متّفقٌ عليه، واللفظ لمسلم.

وعن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- أيضًا أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا دخلت ليلًا، فلا تدخل على أهلك، حتى تَستَحِدّ الْمُغِيبةُ، وتَمْتَشِط الشَّعِثَةُ"، متّفقٌ عليه، واللفظ للبخاريّ.

واقتصر هنا كعب -رضي اللَّه عنه- على ذكر وقت الضحى، وقد رواه أنس -رضي اللَّه عنه-، فقال: "كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يطرُقُ أهله، كان لا يدخل إلا غُدْوةً، أو عشيَّةً"، متّفقٌ عليه، ولفظ مسلم: "لا يطرُقُ أهله ليلًا، وكان يأتيهم غُدْوةً، أو عشيَّةً".

قال القرطبيّ-رَحِمَهُ اللَّهُ-: وكأنه كان أكثر قدومه في أول النهار؛ ليبدأ بالصلاة في المسجد، فكان يتأخّر حتى يخرج وقت النهي. انتهى (٢).

وقوله: (فِي الضُّحَى) بدل من الجارّ والمجرور قبله، قال في "القاموس": الضَّحْوة، والضَّحِيّةُ، كعشيّة: ارتفاع النهار، والضُّحَى فُويقه، ويُذكّر، ويُصغَّر ضُحَيًّا بلا هاء، والضَّحَاءُ بالمدّ: إذا قَرُبَ انتصاف النهار، وبالضمّ والقصر: الشمسُ. انتهى (٣).

وقال في "المصباح": الضَّحاءُ بالفتح والمدّ: امتداد النهار، وهو مذكّرٌ،


(١) "القاموس المحيط" ٤/ ١٦٢.
(٢) "المفهم" ٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٣) "القاموس المحيط" ٤/ ٣٥٤.