للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التسبيح، وخُصّت النافلة بذلك؛ لأن التسبيح الذي في الفريضة نافلة، فقيل لصلاة النافلة: سُبْحةٌ؛ لأنها كالتسبيح في الفريضة، قاله في "الفتح" (١).

وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: ما صلى صلاة الضحى، قال اللَّه عزَّ وجلَّ: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣)} [الصافات: ١٤٣]، قال المفسرون: من المصلين، إلا أن أهل العلم لا يوقعون اسم سُبْحَة إلا على النافلة دون الفريضة؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واجعلوا صلاتكم معهم سبحةً"؛ أي: نافلة. انتهى (٢).

(قَطُّ) أي: في الزمان الماضي، قال في "القاموس": وما رأيته قطّ، ويُضمّ، ويُخفّفان، وقطٍّ مشدّدةً مجرورة بمعنى الدهر مخصوص بالماضي؛ أي: فيما مضى من الزمان، أو فيما انقطع من عُمُري. انتهى (٣)، وقد نظم شيخنا المناسيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما ذُكر بقوله:

وَخَمْسَةً جَعَلَ مَنْ قَطُّ ضَبَطْ … قَطُّ وَقُطُّ قَطِّ ثُمَّ قُطُ قَطْ

قال الخطّابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا من عائشة -رضي اللَّه عنها- إخبارٌ عما علمته، دون ما لم تعلم، وقد ثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى صلاة الضحى يوم الفتح، وأوصى أبا ذرّ وأبا هريرة -رضي اللَّه عنه-، وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أما قولها: ما سبّح سُبحة الضحى قطّ، فهو أن مِن عِلْمِ السنن علمًا خاصًّا يوجد عند بعض أهل العلم دون بعض، فليس أحد من الصحابة إلا وقد فاته من الحديث ما أحصاه غيره، والإحاطة ممتنعة، وهذا ما لا يجهله إلا من لا عناية له بالعلم، وإنما حَصَلَ المتأخرون على علم ذلك مذ صار العلم في الكتب، لكنهم بذلك دخلت حفظهم داخلة، فليسوا في الحفظ كالمتقدمين، وإن كان قد حصل في كتب المقل منهم علم جماعة من العلماء، واللَّه ينوّر بالعلم قلب من يشاء. انتهى (٤).

(وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا) من التسبيح؛ أي: أصلّيها، وفي بعض النسخ: "لأستحبّها"، من الاستحباب، وهو رواية "صحيح البخاريّ" في "باب تحريض النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على قيام الليل"، قال في "الفتح": ولكلّ منهما وجهة، لكن الأول -


(١) "الفتح" ٣/ ٦٧ "كتاب التهجّد" رقم (١١٧٧).
(٢) "التمهيد" لابن عبد البر ٨/ ١٣٤ - ١٣٥.
(٣) "القاموس المحيط" ٢/ ٣٨٠.
(٤) "التمهيد" لابن عبد البر ٨/ ١٣٦.