للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ركعتان، هذه الأحاديث كلُّها متَّفِقةٌ، لا اختلاف بينها عند أهل التحقيق.

وحاصلها أن الضحى سنةٌ مؤكَّدةٌ، وأن أقلها ركعتان، وأكملها ثماني ركعات، وبينهما أربعٌ، أو ستٌّ كلاهما أكمل من ركعتين، ودون ثمان. انتهى (١).

٣ - (ومنها): ما كان عليه السلف من شدّة الحرص على تتبّع أفعال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى يقتدوا به فيها.

٤ - (ومنها): أن بعض السنن قد يخفى على كثير من الناس، بل على كثير من خواصّ العلماء، فقد أنكر كثير من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- صلاة الضحى، مع أن كثيرًا منهم حفظها، وأثبتها، كعائشة، وأمّ هانئ، وأبي ذرّ، وأبي الدرداء، وأبي هريرة -رضي اللَّه عنهم-، وغيرهم.

والحاصل أن السنّة حيثما ثبتت أُخذ بها، ولا التفات إلى من أنكرها؛ لجهله بسنيّتها، وإن كان من أكابر أهل العلم.

٥ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على استحباب تخفيف صلاة الضحى، قال في "الفتح": وفيه نظرٌ؛ لاحتمال أن يكون السبب فيه التفرغَ لمهمات الفتح؛ لكثرة شغله به، وقد ثبت من فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلى الضحى، فطَوَّل فيها، أخرجه ابن أبي شيبة، من حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه- (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في سنيّة صلاة الضحى:

قد جمع الإمام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في كتابه النافع "زاد المعاد" الأقوال في صلاة الضحى، فبلغت ستةً:

[الأول]: مستحبةٌ، واختُلِف في عددها، فقيل: أقلها ركعتان، وأكثرها اثنتا عشرة، وقيل: أكثرها ثمان، وقيل: كالأول، لكن لا تُشْرَع ستًّا، ولا عشرةً، وقيل: كالثاني، لكن لا تُشْرَع ستًّا، وقيل: ركعتان فقط، وقيل: أربعًا فقط، وقيل: لا حدّ لأكثرها.

[القول الثاني]: لا تُشْرَع إلا لسبب، واحتجوا بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يفعلها إلا


(١) "شرح النوويّ" ٥/ ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٢) "الفتح" ٣/ ٦٤ - ٦٥.