للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحمار، فقال صاحب اليمين: ما هي حسنة أكتبها، وقال صاحب الشمال: ما هي من السيئات فأكتبها، فأوحى الله إلى صاحب الشمال: ما ترك صاحب اليمين من شيء فاكتبه، فأثبت في السيئات "تعس الحمار" (١).

وظاهر هذا أن ما ليس بحسنة فهو سيئة، وإن كان لا يعاقَب عليها، فإن بعض السيئات قد لا يعاقب عليها، وقد تقع مُكَفَّرَة باجتناب الكبائر، ولكن زمانها قد خَسِرَه صاحبها، حيث ذهبت باطلًا، فيحصل له بذلك حسرةٌ في القيامة، وأَسَفٌ عليه، وهو نوع عقوبة.

وخرّج الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من قوم يقومون من مجلس، لا يذكرون الله فيه، إلا قاموا عن مثل جِيفة حمار، وكان لهم حسرةً" (٢)، وخرّجه الترمذيّ، ولفظه: "ما جلس قوم مجلسًا، لم يذكروا الله فيه، ولم يصلّوا على نبيهم - صلى الله عليه وسلم - إلا كان عليهم تِرَةً، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم"، وفي رواية لأبي داود، والنسائي: "من قعد مقعدًا، لم يذكر الله فيه، إلا كان عليه من الله تِرَةً، ومن اضطجع مُضْطَجَعًا، لم يذكر الله فيه، كانت عليه من الله تِرَة"، زاد النسائي: "ومن قام مقامًا، لم يذكر الله فيه، كان عليه من الله تِرَة"، وخرّج أيضًا من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من قوم يجلسون مجلسًا، لا يذكرون الله فيه، إلا كان عليهم حسرةً يوم القيامة، وإن دخلوا الجنة" (٣).

وقال مجاهد: ما جلس قوم مجلسًا، فتفرّقوا قبل أن يذكروا الله، إلا تفرقوا عن أنتن من ريح الجيفة، وكان مجلسهم يَشْهَد عليهم بغفلتهم، وما جلس قوم مجلسًا، فذكروا الله قبل أن يتفرقوا، إلا أن يتفرقوا عن أطيب من ريح المسك، وكان مجلسهم يشهد لهم بذكرهم.

وقال بعض السلف: يُعْرَض على ابن آدم يوم القيامة ساعات عمره، فكلُّ


(١) رواه ابن أبي شيبة ١٣/ ٥٧٥، وأبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٧٦.
(٢) صححه الحاكم ١/ ٤٩٢، وابن حبان (٥٩٠ و ٥٩٢).
(٣) أخرجه النسائي في "اليوم والليلة" (٤٠٩) و (٤١٠)، وصححه ابن حبان (٥٩٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.