للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("مَنْ هَذِهِ؟ ") هذا يدلّ على أن الستر كان كثيفًا، وعَرَف أنها امرأة؛ لكون ذلك الموضع لا يدخل عليه فيه الرجال (١).

(قُلْتُ: أُمُّ هَانِئٍ) وفي نسخة: "أنا أمّ هانئ (بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ) فيه أنه لا بأس أن يَكْنِيَ الإنسان نفسه على سبيل التعريف، إذا اشتهر بالكنية، وأنه إذا استأذن لا بأس أن يقول المستأذَنُ عليه: من هذا؟، فيقول المستأذِنُ: فلان باسمه الذي يعرفه به المخاطب.

(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("مَرْحَبًا بأُمِّ هَانِئٍ") فيه استحباب قول الإنسان لزائره، والوارد عليه: مَرْحَبًا ونحوه من ألفاظ الإكرام والملاطفة، ومعنى: "مَرْحَبًا": صادفت رُحْبًا: أي: سَعَةً، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفًى في شرح حديث وفد عبد القيس، من "كتاب الإيمان".

وفيه أيضًا جواز الاغتسال بحضرة امرأة من محارمه، إذا كان مستور العورة عنها، وجواز تستيرها إياه بثوب ونحوه.

وفيه أيضًا أنه لا بأس بالكلام في حال الاغتسال والوضوء، ولا بالسلام على المغتسل، والمتوضّئ، بخلاف البائل، والمتغوّط، واللَّه تعالى أعلم.

(فَلَمَّا فَرَغَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- أي: انتهى (مِنْ غُسْلِهِ) بضمّ الغين: اسم من الاغتسال، ويجوز فتحها مصدرَ غَسَلَ؛ أي: من غسله أعضاءه (قَامَ، فَصَلَّى ثَمَانِيَ) وفي نسخة: "ثمان" (رَكَعَاتٍ) حال كونه (مُلْتَحِفًا) اسم فاعل من الْتحف: إذا لبس اللِّحاف، وهو بكسر اللام: كلُّ ثوب يُتغطَّى به، والجمع لُحُفٌ، مثلُ كتاب وكُتُب، والْمِلْحَفة بالكسر: هي الْمُلاءَةُ التي تلتحف بها المرأة، قاله الفيّوميّ (٢).

(فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) فيه جواز الصلاة في الثوب الواحد، والالتحاف به، مخالفًا بين طًرفيه، كما ذكره في الرواية الثانية (فَلَمَّا انْصَرَفَ) أي: سلّم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من صلاته (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ) أي: ادّعى (ابْنُ أُمِّي) قال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- معنى "زعم" هنا: ذَكَرَ أمرًا لا أعتقد موافقته فيه، وإنما قالت ابن أمي، مع أنه ابن أمها وأبيها؛ لتأكيد الحرمة والقرابة، والمشاركة في بطن


(١) "الفتح" ١/ ٤٦١ "كتاب الغسل" رقم (٢٨٠).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٥٠.