للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجزم ابن هشام في "تهذيب السيرة" بأن اللَّذَيْنِ أجارتهما أم هانئ هما: الحارث بن هشام، وزهير بن أبي أمية المخزوميان.

ورَوَى الأزرقي بسند فيه الواقديّ في حديث أم هانئ هذا، أنهما الحارث بن هشام، وعبد اللَّه بن أبي ربيعة.

وحَكَى بعضهم أنهما الحارث بن هشام، وهبيرة بن أبي وهب، وليس بشيء؛ لأن هبيرة هرب عند فتح مكة إلى نجران، فلم يزل بها مشركًا حتى مات، كذا جزم به ابن إسحاق وغيره، فلا يصح ذكره فيمن أجارته أم هانئ.

وقال الكرمانيّ: قال الزبير بن بكار: فلان ابن هبيرة هو الحارث بن هشام. انتهى.

وقد تصرف في كلام الزبير، وإنما وقع عند الزبير في هذه القصة موضع فلان ابن هبيرة: الحارث بن هشام.

قال الحافظ: والذي يظهر لي أن في رواية الباب حذفًا، كأنه كان فيه فلان ابن عَمّ هبيرة، فسقط لفظ عَمّ، أو كان فيه فلان قريب هبيرة، فتغير لفظ "قريب" بلفظ "ابن"، وكلٌّ من الحارث بن هشام، وزهير بن أبي أمية، وعبد اللَّه بن أبي ربيعة يصحّ وصفه بأنه ابن عمّ هبيرة وقريبه؛ لكون الجميع من بني مخزوم. انتهى (١).

(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ"، قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ) فيه جواز أمان المرأة، فلا يجوز لأحد نقضه، قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أجمع أهل العلم على جواز أمان المرأة، إلا شيئًا ذكره عبد الملك -يعني الماجشون، صاحب مالك- لا أحفظ ذلك عن غيره قال: إن أمر الأمان إلى الإمام، وتأوّل ما ورد مما يخالف ذلك على قضايا خاصّةً، قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يسعى بذمّتهم أدناهم" دلالة على إغفال هذا القائل. انتهى. وجاء عن سحنون مثل قول ابن الماجشون، فقال: هو إلى الإمام، إن أجازه جاز، وإن ردّه رُدّ، ذكره في "الفتح" (٢).


(١) "الفتح" ١/ ٥٦٠ - ٥٦١ "كتاب الصلاة" (٣٥٧).
(٢) "الفتح" ٦/ ٣١٥ "كتاب الجزية والموادعة" رقم (٣١٧١).