للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأفاد مسلم، في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي من رواية عمارة بن القعقاع، سبب ورود هذا الحديث، فعنده في أوله: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سلوني، فهابوا أن يسألوه، قال: فجاء رجل … "، ووقع في رواية ابن منده، من طريق يزيد بن زريع، عن كهمس: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، إذ جاءه رجل، فكأن أمره لهم بسؤاله، وقع في خطبته، وظاهره أن مجيء الرجل، كان في حال الخطبة، فإما أن يكون وافق انقضاءها، أو كان ذكر ذلك القدر جالسًا، وعبر عنه الراوي بالخطبة. انتهى "فتح" ١/ ١٥٩ - ١٦٠.

(وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ) قيل: كيف بدأ بالسؤال قبل السلام؟

أجيب: بأنه يحتمل أن يكون ذلك مبالغةً في التعمية لأمره، أو ليبين أن ذلك غير واجب، أو سلم فلم ينقله الراوي.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الثالث هو الصواب، فقد ثبت في رواية حديث أبي هريرة، وأبي ذرّ المتقدّم عند النسائيّ قوله: "حتى سلم من طرف البساط، فقال: السلام عليك يا محمد، فرد عليه السلام … "، قال في "الفتح": ونحوه في رواية عطاء، عن ابن عمر، لكن قال: "السلام عليك يا رسول الله"، وفي رواية مطر الوراق: "فقال: يا رسول الله أدنو منك؟ قال: ادن"، ولم يذكر السلام.

فاختلفت الروايات، هل قال له: يا محمد، أو يا رسول الله، وهل سلم، أو لا؟ فأما السلام فمن ذكره مقدم على من سكت عنه.

وقال القرطبي. بناء على أنه لَمْ يسلم، وقال: يا محمد: إنه أراد بذلك التعمية، فصنع صنيع الأعراب.

قال الحافظ: ويجمع بين الروايتين، بأنه بدأ أولًا بندائه باسمه، لهذا المعنى، ثم خاطبه بقوله: يا رسول الله. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الأقرب أن يحمل على تصرّف الرواة، فيقال: إنه قال: يا محمد، فعبر بعض الرواة بقوله: يا رسول الله؛ لأن هذا أقرب إلى التعمية المذكورة. والله تعالى أعلم.

ووقع عند القرطبي: أنه قال: "السلام عليكم يا محمد"، فاستنبط منه أنه يستحب للداخل أن يعمم بالسلام، ثم يخصص من يريد تخصيصه. انتهى.