للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: والذي وقفت عليه من الروايات، إنما فيه الإفراد، وهو قوله: "السلام عليك يا محمد". انتهى.

(أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلَامِ) قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الإسلام: الانقياد، والطاعة عن الطوع والرغبة من غير اعتراض، يقال: سلّم، وأسلم، واستسلم: إذا خضع، وأذعن، ولذلك أجاب عنه بالأركان الخمسة. انتهى (١).

وقال القرطبيّ: الإسلام في اللغة: هو الاستسلام، والانقياد، ومنه قوله تعالى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} الآية [الحجرات: ١٤]: أي انقدنا، وهو في الشرع: الانقياد بالأفعال الظاهرة الشرعيّة، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أنس - رضي الله عنه - عنه: "الإسلام علانية، والإيمان في القلب"، ذكره ابن أبي شيبة في "مصنّفه" ١١/ ١١ (٢). انتهى (٣).

وإنما بدأ بالإسلام؛ لأنه يتعلّق بالأمر الظاهر، وثَنّى بالإيمان؛ لأنه يتعلّق بالأمر الباطن، وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي بعد هذا: "فقال: يا رسول الله، ما الإيمان"، فبدأ بالإيمان؛ لأنه الأصل، وثَنَّى بالإسلام؛ لأنه يُظهر مِصْدَاقَ الدعوى، وثَلّث بالإحسان؛ لأنه مُتَعَلِّق بهما.

ورجح الطيبي الأول؛ لما فيه من الترقّي، ولا شك أن القصة واحدة، اختلف الرواة في تأديتها، وليس في السياق ترتيب، ويدل عليه رواية مطر الوراق، فإنه بدأ بالإسلام، وثَنَّى بالإحسان، وثَلَّث بالإيمان، فالحق أن الواقع أمر واحد، والتقديم والتأخير وقع من الرواة، والله تعالى أعلم. قاله الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو حسن.

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْإِسْلَامُ) أعاده، ووضعه موضع ضميره؛ لإرادة


(١) "الكاشف" ٢/ ٤٢٤.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وزاد: "ثم يشير إلى صدره، ويقول: التقوى ههنا، التقوى ههنا". وفي سنده علي بن مسعدة، ضعفه البخاريّ وغيره، ووثقه آخرون، وضعف بعضهم هذا الحديث بسببه، وعندي أنه حسن الحديث. انظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب" ٣/ ١٩٢ .. والله تعالى أعلم.
(٣) "المفهم" ١/ ١٣٩.