للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإيضاح (أَنْ) هي المصدريّة الناصبة للمضارع، والجملة في تأويل المصدر خبر لمحذوف: أي هو شهادة أن لا إله إلَّا الله (تَشْهَدَ أَنْ) مخفّفة من الثقيلة، يدلّ عليه عطف قوله: "وأن محمدًا"، والتقدير: أنه، والضمير للشأن (لَا إِلَهَ) "لا" هي النافية للجنس على سبيل التنصحص على نفي كلّ فرد من أفراده، وقوله: (إِلَّا اللهُ) قيل: خبر "لا"، وقيل: الأحسن أن الخبر محذوف، أي لا معبود بحقّ إلَّا الله (وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي: "الإسلام أن تعبد الله، ولا تشرك به شيئًا". قال النووي في "شرحه": يحتمل أن يكون المراد بالعبادة، معرفة الله، فيكون عطف الصلاة وغيرها عليها؛ لإدخالها في الإسلام، ويحتمل أن يكون المراد بالعبادة الطاعة مطلقًا، فيدخل فيه جميع الوظائف، فعلى هذا يكون عطف الصلاة وغيرها، من عطف الخاص على العام.

قال الحافظ: أما الاحتمال الأول فبعيد؛ لأن المعرفة من متعلقات الإيمان، وأما الإسلام فهو أعمال قولية وبدنية، وقد عبّر في حديث عمر - رضي الله عنه - هنا بقوله: "أن تشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسول الله"، فدل على أن المراد بالعبادة في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، النطق بالشهادتين، وبهذا تبين دفع الاحتمال الثاني، ولَمّا عبر الراوي بالعبادة، احتاج أن يوضحها بقوله: "ولا تشرك به شيئًا"، ولم يحتج إليها في رواية عمر؛ لاستلزامها ذلك.

[فإن قيل]: السؤال عامّ؛ لأنه سأل عن ماهية الإسلام، والجواب خاصّ؟ لقوله: "أن تشهد"، وكذا قال في الإيمان: "أن تؤمن"، وفي الإحسان "أن تعبد".

[والجواب]: أن ذلك لنكتة الفرق بين المصدر، وبين "أن" والفعل؛ لأن "أن تفعل" تدل على الاستقبال، والمصدر لا يدلُّ على زمان، على أن بعض الرواة أورده هنا بصيغة المصدر، ففي رواية عثمان بن غياث قال: "شهادة أن لا إله إلَّا الله"، وكذا في حديث أنس، وليس المراد بمخاطبته بالإفراد اختصاصه بذلك، بل المراد تعليم السامعين الحكم في حقهم، وحق من أشبههم من المكلفين، وقد تبين ذلك بقوله في آخره: "يعلم الناس دينهم".

(وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ) زاد في حديث أبي هريرة الآتي: "المكتوبة": أي