للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أسلفناه آنفًا (أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبَدَا الصُّبْحُ) بغير همز؛ أي: ظهر، وفي رواية زيد بن محمد، عن نافع الآتية: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين"، وفي رواية سالم، عن أبيه الآتية: "كان إذا أضاء له الفجر صلّى ركعتين" (رَكَعَ) أي: صلّى (رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) هما سنّتا الصبح، وفيه استحباب تخفيف ركعتي الفجر (قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ) متعلّق بـ "رَكَعَ"، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد يَستَدِلُّ به من يقول: تكره الصلاة من طلوع الفجر إلا سنة الصبح، وما له سبب، ولأصحابنا الشافعية في المسألة ثلاثة أوجه:

[أحدها]: هذا، ونقله القاضي عن مالك، والجمهور.

[والثاني]: لا تدخل الكراهة حتى يصلي سنة الصبح.

[والثالث]: لا تدخل الكراهة حتى يصلي فريضة الصبح، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، وليس في هذا الحديث دليل ظاهر على الكراهة، فإنما فيه الإخبار بأنه كان -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يصلي غير ركعتي السنة، ولم يَنْهَ عن غيرهما. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "ولم يَنْهَ عن غيرهما" هو كما قال، وأما ما أخرجه الترمذيّ عن ابن عمر بأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين"، فضعيف؛ لأن في سنده محمد بن الحصين، مجهول، كما قال الدارقطنيّ، وكذا رُوي بطرق كلّها ضعيفة، لا تصلح لمعارضة ما صحّ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- بإباحة الصلاة بعد الفجر بأكثر من ركعتين، وذلك حديث عمرو بن عبسة -رضي اللَّه عنه- الطويل، وفيه: "فصلّ ما بدا لك حتى تصلي الصبح"، فأباح له الصلاة إلى أن يصليّ صلاة الصبح، وسيأتي تمام البحث قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث حفصة -رضي اللَّه عنها- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٥/ ١٦٧٦ و ١٦٧٧ و ١٦٧٨ و ١٦٧٩ و ١٦٨٠]


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ٢ - ٣.