وذهب مالك في المشهور عنه إلى أنه لا راتب في ذلك، ولا توقيت عدا ركعتي الفجر، وقد تقدّم ذكرها؛ حماية للفرائض، ولا يُمنع من تطوّع بما يشاء إذا أمن ذلك، وذهب العراقيّون من أصحابنا إلى استحباب الركوع بعد الظهر، وقبل العصر، وبعد المغرب. انتهى كلام القرطبيّ (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي نقله القرطبيّ عن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- عجيب، كيف يُنكر الرواتب غير ركعتي الفجر، مع صحة هذه الأحاديث؟ ويُمكن أن يُعتذر عنه أنها ما صحّت لديه، واللَّه تعالى أعلم.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: "قبل الظهر سجدتين، وكذا بعدها، وبعد المغرب، والعشاء، والجمعة"، وزاد في "صحيح البخاريّ" قبل الصبح ركعتين، قال: وهذه اثنتا عشرة، وفي حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هنا:"أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وبعد المغرب، وبعد العشاء، وإذا طلع الفجر صلى ركعتين"، وهذه اثنتا عشرة أيضًا، وليس للعصر ذكر في "الصحيحين".
وجاء في "سنن أبي داود" بإسناد صحيح، عن عليّ -رضي اللَّه عنه-: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي قبل العصر ركعتين". وعن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"رَحِمَ اللَّه امرءًا صلى قبل العصر أربعًا"، رواه أبو داود، والترمذيّ، وقال: حديث حسنٌ.
وجاء في أربع بعد الظهر حديثٌ صحيحٌ، عن أم حبيبة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها حرّمه اللَّه على النار"، رواه أبو داود، والترمذيّ، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وفي "صحيح البخاريّ" عن ابن مُغَفَّل -رضي اللَّه عنه-، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"صَلُّوا قبل المغرب، قال في الثالثة: لمن شاء".
وفي "الصحيحين" عن ابن مغفل أيضًا، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بين كل أذانين صلاة"، والمراد بين الأذان والإقامة.
فهذه جملة من الأحاديث الصحيحة في السنن الراتبة مع الفرائض، قال