للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رواية الفتح والتشديد، وقال: يقال: بَدَّنَ الرجلُ تبدينًا: إذا أسنّ، وأنشد:

وَكُنْتُ الشَّيْبَ وَالتَّبْدِينَا … وَالْهَمذَ مِمَّا يُذْهِلُ الْقَرِينَا

قال: ومن رواه "بَدُنَ" ليس له معنى؛ لأنه خلاف وصفه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعناه كَثُرَ لحمه، يقال: بَدُنَ الرجلُ يَبْدُنُ بَدانةً.

قال القرطبيّ: ولا معنى لإنكار "بَدُنَ"، وقد صحّت الرواية فيه، وقد جاء معناه مفسَّرًا من قول عائشة -رضي اللَّه عنها-، قالت: "فلَمَا كَبِرَ، وأخذه اللحمُ"، وفي رواية: "أسنّ، وكثُرَ لحمه"، وقول أبي عبيد: "لم يكن ذلك وصفه -صلى اللَّه عليه وسلم-" صدقٌ؛ لأنه لم يكن في أصل خلقته بادنًا كثير اللحم، لكن عندما أسنّ، وضَعُف عن كثير مما كان يتحمّله في حال النشاط من الأعمال الشاقّة استرخى لحمه، وزاد على ما كان عليه في أصل خلقته زيادةً يسيرةً، بحيث يصدُقُ عليه ذلك الاسم، واللَّه تعالى أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي يظهر أن "بدن" بتشديد الدال، و"بَدُن" بتخفيفها مضمومة لا يبعد هنا؛ كما وجّهه القرطبيُّ، فيجوز الوجهان، فتأمّل، واللَّه تعالى أعلم.

وقولها: (وَثَقُلَ) بضمّ القاف، وزان كَرُم: ضدّ خفّ، فيكون عطفه على "بدّن" من عطف المسبّب على السبب.

والحديث من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وقد مرّ تخريجه قبله، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٧١٢] (٧٣٣) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ، عَنْ حَفْصَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى فِي سُبْحَتِهِ (٢) قَاعِدًا، حَتَّى كَانَ


(١) "المفهم" ٢/ ٣٦٩ - ٣٧٠.
(٢) وفي نسخة: "يصلي في سبحته" في الموضعين.