للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأحاديث ظاهر في الفصل -يعني فصل ركعة الوتر عما قبلها- كحديث عائشة: "يسلم من كل ركعتين"، فإنه يدخل فيه الركعتان اللتان قبل الأخيرة، فهو كالنصّ في موضع النزاع، وحَمَلَ الطحاويّ هذا، ومثله على أن الركعة مضمومة إلى الركعتين قبلها، ولم يتمسك في دعوى ذلك إلا بالنهي عن البتيراء، مع احتمال أن يكون المراد بالبتيراء أن يوتر بواحدة فردة، ليس قبلها شيء، وهو أعمّ من أن يكون مع الوصل، أو الفصل، وصرّح كثير منهم أن الفصل يقطعهما عن أن يكونا من جملة الوتر، ومن خالفهم يقول: إنهما منه بالنية. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: حديث النهي عن البتيراء أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"، قال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بن يوسف، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسن بن سليمان بن قبيطة، حدثنا عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن البتيراء، أن يصلي الرجل ركعة واحدة يوتر بها".

قال: هو عثمان بن محمد بن أبي ربيعة بن عبد الرحمن، قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم. انتهى (٢).

وقال الذهبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الميزان" (٣/ ٥٣): قال عبد الحقّ في "أحكامه": الغالب على حديثه الوهم. وقال ابن القطان: هذا حديث شاذٌّ لا يُعَرَّج على رواته. انتهى (٣).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي حكم به القطان -رَحِمَهُ اللَّهُ- من كون هذا الحديث شاذًّا حسنٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

زاد في رواية أبي داود: "ويمكث في سجوده قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية، قبل أن يرفع رأسه"، وفي رواية النسائيّ: "ويسجد سجدة واحدة قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية، ثمَّ يرفع رأسه".


(١) "الفتح" ٢/ ٥٦٣ - ٥٦٤.
(٢) "التمهيد" ١٣/ ٢٥٤.
(٣) "ميزان الاعتدال" ٣/ ٥٣.