للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعني أنه يطوّل صلاة الليل بحيث تكون سجدة واحدة من تلك الركعات الإحدى عشرة بقدر ما يقرأ القارئ خمسين آية.

وأخرج الحديث البخاري من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهريّ، بلفظ: "كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة".

(فَإِذَا سَكَتَ) بالتاء الفوقية؛ أي: فرغ (الْمُؤَذِّنُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ) أي: من أذانه لصلاة الفجر (وَتَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ) أي: ظهر وانتشر، قال الطيبيُّ: هذا يدلّ على أن التَّبَيُّن لم يكن في الأذان، وإلا لما كان لذكر التبين فائدة. انتهى. (وَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ) أي: ليعلمه بقرب الصلاة (قَامَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ) هما سنّة الصبح (خَفِيفَتَيْنِ) فيه أن المستحبّ تخفيف الركعتين، وقد تقدّم للمصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- حديث: "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في الأولى بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، وفي الثانية بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} ".

(ثُمَّ اضْطَجَعَ) أي: في بيته للاستراحة من تعب قيام الليل؛ ليصلي صلاة الصبح بنشاط، أو ليفصل بين الفرض والنفل بالضجعة.

[تنبيه]:

اتفق أصحاب الزهريُّ، فرووا هذا الحديث عنه، فجعلوا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، لا بعد الوتر، فقالوا: "فإذا تبيّن له الفجر، وجاءه المؤذن ركع ركعتين خفيفتين، ثمَّ اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة".

وخالفهم في ذلك مالك، فجعله بعد الوتر، فقال: يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن.

وزعم محمد بن يحيى الذُّهْليّ وغيره أن الصواب رواية الجمهور، وردّه ابن عبد البر بأنّه لا يدفع ما قاله مالك؛ لموضعه من الحفظ والإتقان، ولثبوته في ابن شهاب، وعلمه بحديثه، وقد قال يحيى بن معين: إذا اختلف أصحاب ابن شهاب، فالقول ما قاله مالك، فهو أثبتهم فيه، وأحفظهم لحديثه، ويَحْتَمِل أن يضطجع مرة كذا، ومرة كذا، ولرواية مالك شاهد، وهو حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن اضطجاعه كان بعد الوتر، وقبل ركعتي الفجر، فلا ينكر أن