يحفظ ذلك مالك في حديث ابن شهاب، وإن لم يتابَع عليه. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله الحافظ أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو الأولى من تغليط حافظ متقن، فالجمع مهما أمكن هو المتعيِّن، فيُحْمَل على أنه كان يضطجع أحيانًا بعد الوتر، وأحيانًا بعد ركعتي الفجر، واللَّه تعالى أعلم.
(عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) -بكسر الشين المعجمة -: أي: جنبه الأيمن؛ لكونه يحب التيامن في شأنه كله، أو للتشريع لغيره؛ لأنَّ النوم على الأيسر يستلزم استغراق النوم في غيره -صلى اللَّه عليه وسلم-، بخلافه هو؛ لأنَّ عينه تنام ولا ينام قلبه، فعلى الأيمن أسرع للانتباه بالنسبة لنا، وهو نوم الصالحين.
قال القسطلانيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لا يقال: حكمته أن لا يستغرق في النوم؛ لأنَّ القلب في اليسار، ففي النوم عليه راحة له، فيستغرق فيه؛ لأنا نقول: صحّ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان تنام عينه، ولا ينام قلبه، نعم يجوز أن يكون فعله لإرشاد أمته وتعليمهم. انتهى (١).
(حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ) بلالٌ -رضي اللَّه عنه- (لِلْإِقَامَةِ) وكذا هو في رواية أبي داود، باللام؛ أي: لأجل الإقامة للصلاة، وفي رواية النسائيّ:"بالإقامة" بالباء الموحّدة؛ أي: بشأنها.
والمراد أنه يأتيه مستئذنًا لأن يقيم للصلاة؛ لأنها منوطة بأمر الإمام.
و"حتى" غاية للاضطجاع؛ أي: يضطجع إلى أن يأتيه المؤذن، وفيه مشروعية إعلام المؤذن الإمام إذا أراد الإقامة، وليس هو من نوع التثويب البدعي الذي أنكره ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- وغيره، فإن ذلك أن يقوم المؤذّن على باب المسجد، أو على محلّ التأذين، فيرفع صوته، قائلا:"حي على الصلاة، حي على الفلاح"، أو:"الصلاة، الصلاة، يا مصلّون"، فتنبه.
زاد في رواية النسائيّ:"فيخرج معه"، وهو يَحْتَمِل الرفع، على الاستئناف؛ أي: فهو يخرج مع المؤذن؛ لأداء الصلاة جماعةً، والنصب عطفًا على "يأتي"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.