صلاة الصبح، وردّه عليه العلماء بعده، حتى طعن ابن تيمية، ومن تبعه في صحة الحديث؛ لتفرّد عبد الواحد بن زياد به، وفي حفظه مقال، والحقّ أنه تقوم به الحجة (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد أجاد الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في تصحيح حديث عبد الواحد، فإنه حقيقٌ بذلك، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
قال: ومن ذهب إلى أن المراد به الفصل لا يتقيد بالأيمن، ومن أطلق قال: يختص ذلك بالقادر، وأما غيره فهل يسقط الطلب، أو يومئ بالاضطجاع، أو يضطجع على الأيسر؟ لم أقف فيه على نقل، إلا أن ابن حزم قال: يومئ، ولا يضطجع على الأيسر أصلًا، ويحمل الأمر به على الندب، وذهب بعض السلف إلى استحبابها في البيت دون المسجد، وهو محكيّ عن ابن عمر، وقوّاه بعض شيوخنا بأنّه لم يُنقَل عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه فعله في المسجد.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا مردود بأنّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن يصلي ركعتي الفجر في المسجد، حتى يضطجع فيه، فحيث صلى اضطجع، فمن صلى في بيته اضطجع فيه، ومن صلى في المسجد اضطجع فيه؛ لعموم الأمر بذلك، فتبصّر.
قال: وصحّ عن ابن عمر أنه كان يَحْصِب من يفعله في المسجد، أخرجه ابن أبي شيبة. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما نُقل عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- ليس حجة يُعارض به ما صحّ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعلًا وقولًا؛ لأنه لا حجة لأحد مع النصّ الصحيح، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد.
والحاصل أن الاضطجاع بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح سنّة ثابتة فعلًا، كما في "الصحيحين"، وقولًا، كما في حديث أبي داود، والترمذيّ، وقد
(١) حديث عبد الواحد هو ما أخرجه الترمذيّ، في "الجامع" (٣٨٥): حدّثنا بشر بن معاذ الْعَقَديّ، حدّثنا عبد الواحد بن زياد، حدّثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر، فليضطجع على يمينه"، قال الترمذيّ: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. انتهى.