للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زيد أن زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- كان يوتر بخمس ركعات، لا ينصرف فيها -أي: لا يسلّم-.

وقال الشيخ سراج أحمد السرهنديّ في "شرح الترمذيّ": وهو مذهب سفيان الثوريّ، وبعض الأئمة. انتهى.

قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذيّ: وهو الظاهر من كلام الشافعيّ ومذهبه، فقد حكى الربيع بن سليمان في "اختلاف مالك والشافعيّ" الملحق بكتاب "الأمّ" (٧/ ١٨٩) أنه سأل الشافعيّ عن الوتر بواحدة ليس قبلها شيء؟ فقال الشافعيّ: نعم، والذي أختار أن أصلي عشر ركعات، ثمَّ أوتر بواحدة، ثمَّ حكى الحجة عنه في ذلك، ثمَّ قال: قال الشافعيّ: وقد أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يوتر بخمس ركعات، لا يجلس، ولا يُسلّم إلا في الآخرة منهنّ، فقلت للشافعيّ: فما معنى هذا؟ قال: هذه نافلة يسع أن يوتر بواحدة، وأكثر، ونختار ما وصفت من غير أن نضيّق غيره، وانظر: "المجموع" للنوويّ (١)، فقد رجّح جواز هذا؛ لدلالة الأحاديث الصحيحة عليه. انتهى.

قال صاحب "المرعاة": والحديث مشكلٌ على الحنفيّة جدًّا، فإنهم قالوا بوجوب القعود والتشهّد بعد كل ركعتين من الفرض والنفل جميعًا، وأجابوا عنه بوجوه، كلُّها مردودة باطلة:

[أحدها]: أن المعنى: لا يجلس في شيء للسلام بخلاف ما قبله من الركعات، ذكره القاري.

وقد ردّه صاحب "البذل" حيث قال: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الحنفيّة قائلون بأن الوتر ثلاث، لا تجوز الزيادة عليها، فإذا صلّى خمس ركعات، فإن نوى الوتر في أول التحريمة لا يجوز ذلك؛ لأنَّ الزيادة على الثلاث ممنوعة، وإن نوى النفل في أول التحريمة لا يؤدّي الوتر بنيّة النفل، وإن قيل: إنها كانت في ابتداء الإِسلام، ثمَّ استقرّ الأمر على أن الوتر ثلاث ركعات، فينافيه ما سيأتي من حديث زُرارة بن أوفى، عند أبي داود: "فلم تزل تلك صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) راجع: "المجموع" ٤/ ١٢ - ١٣.