حتى بدّن، فنقص من التسع ثنتين، فجعلها إلى الستّ والسبع، وركعتيه، وهو قاعد حتى قُبض على ذلك".
[وثانيها]: أن المنفيّ جلسة الفراغ والاستراحة؛ أي: لا يجلس في شيء من الخمس جلسة الفراغ والاستراحة إلا في آخرها؛ أي: بعد الركعة الأخيرة، يعني: بعد الفراغ منها، وكانت الركعتان نافلتي الوضوء، أو غيرها، والثلاث وترًا.
وفيه أن تخصيص الجلوس المنفيّ بجلوس الاستراحة والفراغ يحتاج إلى دليل، وإذ لا دليل على ذلك، فهو مردود على قائله، على أن قوله: "إلا في آخرهنّ" يدلّ على وجود الجلوس في آخر الركعات الخمس؛ بناءً على أن "في" للظرفيّة، وهي تقتضي تحقّق الجلوس داخل الصلاة، لا خارجها، وعلى أن الأصل في الاستثناء الاتّصال، وهذا ينافي كون المراد بالجلوس المنفيّ جلسة الفراغ.
[وثالثها]: أن المعنى لم يكن يصلي شيئًا من تلك الخمس جالسًا؛ إذ قد ورد أنه كان يصلي قائمًا وقاعدًا، وعلى هذا فالمنفيّ من الجلوس هو الجلوس مقام القيام، والاستثناء في قوله: "إلا في آخرهنّ" منقطعٌ، كما في الوجه الثاني، والمعنى: لا يصلي جالسًا إلا بعد أن يفرغ من الخمس.
وهذا أيضًا مردودٌ؛ لما تقدّم آنفًا.
[ورابعها]: أن المراد بقولها: "آخرهنّ" الركعتان الأخيرتان، فالثلاثة الأول من الخمس وتر، والركعتان بعده هما اللتان كان يصليهما النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جالسًا بعد الوتر، والمعنى: لم يكن يصلي شيئًا من تلك الخمس جالسًا إلا الركعتين الأخيرتين منها، وعلى هذا فالاستثناء متّصلٌ.
وفيه أن هذا يردّه قولها: "يوتر من ذلك بخمس"؛ لأنه يدلّ على أن الركعات الخمس كلّها ركعات الوتر.
ويُبطله أيضًا رواية الشافعيّ بلفظ: "كان يوتر بخمس ركعات، لا يجلس، ولا يسلّم إلا في الآخرة منها"، ورواية أبي داود: "يوتر منها بخمس، لا يجلس في شيء من الخمس حتى يجلس في الآخرة، فيسلّم"، وهذا ظاهر.
[وخامسها]: أن المراد بـ "آخرهنّ" الركعة الأخيرة، والمنفيّ من الجلوس