للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجلوس الخاصّ، وهو الذي فيه تشهّد بلا تسليم، فالمعنى: لا يجلس بهذه المثابة إلا في ابتداء الركعة الأخيرة، وأما الجلوس بعد الركعتين فهو على المعروف المتبادر، يعني: مع التسليم.

وهذا أيضًا مردودٌ، تردّه رواية الشافعيّ، وأبي داود، كما لا يخفى.

فهذه الوجوه كلُّها تحريف للحديث الصحيح، وإبطال لمؤدّاه، واستهزاء بالسنّة الثابتة الظاهرة، وتحيُّلٌ لدفعها، فهي تدلّ على شدّة تعصبّ أصحابها، وغلوّهم في التقليد المذموم، ذكرناها مع كونها أَضَاحِيك؛ ليعتبر بها أولو الأبصار، وليتذكّر أولو الألباب (١). اللهم أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، آمين، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٩/ ١٧٢٠ و ١٧٢١] (٧٣٧)، و (أبو داود) في "الصلاة" (١٣٣٨ و ١٣٥٨)، و (الترمذيّ) في "الصلاة" (٤٥٩)، و (النسائيّ) في "قيام الليل" (١٧١٧) و"الكبرى" (١٤٠٨)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة" (١٣٥٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٦/ ٥٠ و ١٢٣ و ٢٧٥)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (١٠٧٦ و ١٠٧٧)، و (ابن حبَّان) في "صحيحه" (٢٤٣٧)، و (أبو


(١) راجع: "المرعاة" ٤/ ٢٦٢ - ٢٦٣.
(٢) أما ما ذكره في "المشكاة" من أنه متّفق عليه، فقد تعقّبه في "المرعاة" ٤/ ٢٦٣، فقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّ قولها: "يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها" ليس في البخاريّ، بل هو من أفراد مسلم، وكأن المصنّف قلّد في ذلك الجزريّ، وصاحب "المنتقى"، والمنذريّ، حيث نسبوا هذا السياق إلى الشيخين، والعجب من الحافظ أنه قال بعد ذكره في "بلوغ المرام": متّفقٌ عليه، مع أنه عزاه في "التلخيص" لمسلم فقط، اللهم إلَّا أن يقال: إنهم أرادوا بذلك أن أصل الحديث متّفق عليه، لا السياق المذكور بتمامه، ولا يخفى ما فيه. انتهى.