للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، هو عمّه، فإن أبا سلمة أخو إبراهيم والد سعد، وتقدّم الكلام على عائشة -رضي اللَّه عنها-، وأبي سلمة قريبًا.

شرح الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ) -رضي اللَّه عنه- أنها (قَالَتْ: مَا) نافية (أَلْفَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- السَّحَرُ) بنصب "رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" على أنه مفعول مقدّم، و"السحرُ" فاعل مؤخّرٌ، و"ألفى" بالفاء: بمعنى وَجَدَ، والمعنى: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجده وقتُ السحر، وقولها: (الْأَعْلَى) صفة لـ "السحر"، والمراد به آخر وقت السحر (فِي بَيْتِي، أَوْ) للشكّ من الراوي (عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا) قال ابن التين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تعني مضطجعًا على جنبه؛ لأنها قالت في حديث آخر: "فإن كنت يقظانة حدّثني، وإلا اضطجع". انتهى.

وتعقّبه ابن رُشيد بأنه لا ضرورة لحمل هذا التأويل؛ لأن السياق ظاهر في النوم حقيقةً، وظاهرٌ في المداومة على ذلك، ولا يلزم من أنه كان رُبّما لم ينم وقت السحر هذا التأويل، فدار الأمر بين حمل النوم على مجاز التشبيه، أو حمل التعميم على إرادة التخصيص، والثاني أرجح، وإليه ميل البخاريُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-؛ لأنه ترجم بقوله: "باب من نام عند السحر"، ثم ترجم عقبه بقوله: "باب من تسحر، فلم ينم"، فأومأ إلى تخصيص رمضان من غيره، فكان العادة جرت في جميع السنة أنه كان ينام عند السحر إلا في رمضان، فإنه كان يتشاغل بالسحور في آخر الليل، ثم يخرج إلى صلاة الصبح عقبه.

وقال ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: النوم وقت السحر كان يفعله النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الليالي الطوال، وفي غير شهر رمضان، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كذا قال ويَحتاج في إخراج الليالي القصار إلى دليل. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "الفتح" ٣/ ٢٣.