للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أطلق بعضهم أنه يدخل بدخول العشاء، قالوا: ويظهر أثر الخلاف فيمن صلّى العشاء، وبان أنه بغير طهارة، ثم صلى الوتر متطهّرًا، أو ظنّ أنه صلى العشاء، فصلى الوتر، فإنه يجزئ على هذا القول دون الأول، قاله في "الفتح".

(فَانْتَهَى) وفي نسخة: "وانتهى" (وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ) زاد أبو داود، والترمذيّ: "حين مات"؛ أي: قبل وفاته.

قال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه كان آخر أمره الإيتار في السحر، والمراد به آخر الليل، كما قالت في الروايات الأخرى، ففيه استحباب الإيتار آخر الليل، وقد تضافرت الأحاديث الصحيحة عليه، قال: وفيه جواز الإيتار في جميع أوقات الليل بعد دخول وقته. انتهى.

وقال في "الفتح": يَحْتَمِل أن يكون اختلاف وقت الوتر باختلاف الأحوال، فحيث أوتر في أوّله لعله كان وَجِعًا، وحيث أوتر في وسطه لعله كان مسافرًا، وأما وتره في آخره، فكأنه غالب أحواله؛ لما عُرف من مواظبته على الصلاة في أكثر الليل، واللَّه تعالى أعلم.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الاحتمال الذي ذكره غير ظاهر، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: "السحر" -بفتحتين-: قُبيل الصبح، كالسَّحَريّ، والسَّحَرِيّة، والبياض يعلو السواد، وطَرَفُ كلّ شيء، جمعه أسحار، قاله في "القاموس" (١).

وحَكَى الماوردي أن السَّحَر: السدسُ الأخيرُ، وقيل: أوله الفجر الأول، وفي رواية طلحة بن نافع، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عند ابن خزيمة: "فلما انفجر الفجر قام، فأوتر بركعة"، قال ابن خزيمة: المراد به الفجر الأول.

ورَوَى أحمد من حديث معاذ -رضي اللَّه عنه-، مرفوعًا: "زادني ربي صلاةً، وهى الوتر، وقتها من العشاء إلى طلوع الفجر"، وفي إسناده ضعف.

وأخرج "أصحاب السنن" عن خارجة بن حُذافة -رضي اللَّه عنه-، قال: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "إن اللَّه تعالى قد أمدّكم بصلاة، وهي خير لكم من حُمْر


(١) "القاموس المحيط" ٢/ ٤٥.