للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، لَقِيَ) بكسر القاف، من باب تَعِبَ (أُنَاسًا) بضم الهمزة، لغة في ناس، بحذفها (مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ) أي: عمّا قصده من غزو الروم إلى أن يموت بعد تخلّيه عن أهله، وماله (وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا) أي: جماعة، وهو ما دون العشرة من الرجال، ليس فيهم امرأة، وسكون الهاء أفصح من فتحها، وهو جمع لا واحد له من لفظه، وقيل: الرهط من سبعة إلى عشرة، وما دون السبعة إلى الثلاثة نَفَرٌ، وقال أبو زيد: الرَّهْطُ، والنَّفَرُ: ما دون العشرة من الرجال، وقال ثعلب أيضًا: الرهط والنَّفَر، والقوم، والْمَعْشَر، والْعَشِيرة معناهم: الجمع، لا واحد لهم من لفظهم، وهو للرجال دون النساء، وقال ابن السِّكِّيت: الرهط، والعشيرة بمعنى، ويقال: الرهط: ما فوق العشرة إلى الأربعين، قاله الأصمعيّ في "كتاب الضاد والظاء"، ونقله ابن فارس أيضًا، ورَهْطُ الرجلِ: قومُهُ، وقبيلته الأقربون. انتهى (١).

وقوله: (سِتَّةً) منصوب على البدليّة لـ "رهطًا" (أَرَادُوا ذَلِكَ) أي: ما ذُكر من طلاق أزواجهم، وبيع ما يملكونه من العقار وغيره، وتفرّدهم للجهاد إلى أن يموتوا (فِي حَيَاةِ نَبِيِّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَنَهَاهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ ") زاد في نسخة: "حَسَنَة"، و"الأُسْوَة" بكسر الهمزة، وضمّها: الْقُدوة، وتأسّيتُ به، وائتسيتُ: اقتديتُ (٢).

والمعنى: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لمن أراد ما ذُكر من التبتّل والانقطاع للجهاد: إن من سنّتي النكاح وغيره من منافع الدنيا مع إقامة الجهاد في سبيل اللَّه تعالى، فعليكم الاقتداء بسنتي، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي، واللَّه تعالى أعلم.

(فَلَمَّا حَدَّثُوهُ) أي: حدّث الأناس الذين لقيهم سعد بن هشام في المدينة (بِذَلِكَ) أي: بما وقع لبعض الصحابة من عزمهم على ما عزم به سعد من الانقطاع عن الدنيا، والمثابرة على الجهاد مدى الحياة (رَاجَعَ امْرَأَتَهُ، وَقَدْ كَانَ طلَقَهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا) بفتح الراء، وكسرها، والفتح أفصح عند الأكثرين، وقال الأزهريّ: الكسر أفصح، ذكره النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣).


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٤١.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٥.
(٣) "شرح النوويّ" ٦/ ٢٥.