للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجملة من "نِعْمَ" والمرفوعين بعدها خبرَ "كان"، ويكون في "كان" ضمير الشأن، كما تقول: كان نعم الرجلُ زيد، وزيد نعم الرجلُ كان، ليس من ضمير الشأن؛ لأن ضمير الشأن مُصدَّرٌ على الجملة، وإنما ينبغي أن يكون على هذا اسم كان مضمرًا فيها، وهو عامر، وتكون الجملة المتقدّمة خبرًا لها مُقدّمًا، ونظير زيادة "كان" ههنا زيادتها في التعجّب، كقولك: ما كان أحسن زيدًا. انتهى كلام أبي البقاء -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

(قَالَ قَتَادَةُ) بن دِعامة (وَكَانَ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ) ظاهر هذا أنه من كلام قتادة، ولكن الرواية الآتية ظاهرة في كونه من كلام عائشة -رضي اللَّه عنها-، ولا تنافي بينهما؛ إذ يُمكن حمله على أن قتادة أحيانًا ينقله روايةً، وأحيانًا يقوله، واللَّه تعالى أعلم.

(فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ) هذا مقتبس من قول اللَّه تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦]، شُبِّهن بالأمهات في بعض الأحكام، وهو وجوب تعظيمهنّ، واحترامهنّ، وتحريم نكاحهنّ، وهنّ فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيّات، قاله الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

قال الحافظ العراقيُّ في "ألفيّة السيرة":

زَوْجَاتُهُ كُلٌّ مُحَرَّمَاتُ … هُنَّ لِذِي الإِيمَانِ أُمَّهَاتُ

نِكَاحُهُنَّ مَعْ عُقُوقِهِنَّهْ … مَعَ الْوُجُوبِ لاحْتِرَامِهِنَّهْ

(أَنْبِئِينِي) أي: أخبريني، ولأبي داود: "حدثيني" (عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي: عن صفاته وسَجِيّته، قال في "القاموس": "الْخُلُقُ" بالضمّ، وبضمّتين: السجيّة، والطبع، والمروءة، والدين. انتهى (٣).

وقال في "المنهل": و"الخُلُق" بضم المعجمة، واللام، وقد تسكّن، في الأصل مَلَكَة راسخة في النفس، تَصدُر عنها الأفعال بسهولة، فإن صدر عنها المحمود عقلًا وشرعًا، فهي الخلق الحسن، وإلا فهي الخلق السيئ، والمراد


(١) "إعراب الحديث لأبي البقاء" ص ٤٧٤ - ٤٧٦.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٢١٩.
(٣) "القاموس المحيط" ٣/ ٢٢٩.