النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يخطب، فقال: كيف صلاة الليل؟ " (١).
(سَأَل رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ) وفي رواية أيوب المذكورة: "فقال: كيف صلاة الليل؟ "، قال في "الفتح": وقد تبيّن من الجواب أن السؤال وقع عن عددها، أو عن الفصل والوصل، وفي رواية محمد بن نصر، من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رجل: يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كيف تأمرنا أن نصلي من الليل؟.
وأما قول ابن بزيزة: جوابه بقوله: "مثنى" يدُلُّ على أنه فَهِمَ من السائل طلب كيفية العدد، لا مطلق الكيفية، ففيه نظرٌ، وأولى ما فُسِّرَ به الحديث من الحديث.
واستُدِلَّ بمفهومه على أن الأفضل في صلاة النهار أن تكون أربعًا، وهو مذهب الحنفية، وإسحاق.
وتُعُقِّب بأنه مفهوم لقب، وليس بحجة على الراجح، وعلى تقدير الأخذ به، فليس بمنحصر في أربع، وبأنه خرج جوابًا للسؤال عن صلاة الليل، فقيّد الجواب بذلك مطابقة للسؤال، وبأنه قد تبيّن من رواية أخرى أن حكم المسكوت عنه حكم المنطوق به، ففي السُّنَن، وصححه ابن خزيمة وغيره، من طريق عليّ الأزديّ، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، مرفوعًا: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى".
وقد تُعُقِّب هذا الأخير بأن أكثر أئمة الحديث أعلُّوا هذه الزيادة، وهي قوله: "والنهار" بأن الحفاظ من أصحاب ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- لم يذكروها عنه، وحَكَمَ النسائي على راويها بأنه أخطأ فيها، وقال يحيى بن معين: "مَنْ عليّ الأزديّ؟، حتى أَقْبَلَ منه، وادَّعَى يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن نافع، أن ابن عمر كان يتطوع بالنهار أربعًا، لا يفصل بينهنّ، ولو كان حديث الأزديّ صحيحًا لما خالفه ابن عمر، يعني مع شدّة اتباعه، رواه عنه محمد بن نصر في سؤالاته.
لكن رَوَى ابن وهب بإسناد قويّ، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال:"صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، موقوفٌ، أخرجه ابن عبد البر، من طريقه فلعلّ الأزديّ
(١) راجع: "صحيح البخاريّ" برقم (٤٧٢ و ٤٧٣) "كتاب الصلاة".