لكونه أجاب به السائل، ولكون أحاديث الفصل أثبت، وأكثر طُرُقًا، وقد تضمن كلامه الردّ على الداوديّ الشارح، ومَن تبعه في دعواهم، أنه لم يثبت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلى النافلة أكثر من ركعتين ركعتين. انتهى (١)، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا.
(فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ) أي: فوت الوتر بطلوع الفجر، وظهوره، وهو في شفع صلاة الليل قبل أن يوتر (صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ لَهُ) أي: تجعل تلك الركعةُ الواحدةُ (مَا قَدْ صَلَّى") "ما" موصولة مفعول "تُوتر"، والعائد محذوف؛ لكونه ضميرًا متّصلًا منصوبًا بفعل تامّ، كما قال في "الخلاصة":
والمعنى: أن الركعة الواحدة التي صلاها أخيرًا تجعل تمام الركعات التي صلّاها شفعًا وترًا، فإن تلك الركعة الواحدة كما أنها وتر بذاتها، كذلك يصير بها جميع صلاة الليل وترًا بعد أن كان شفعًا.
قال ابن الملك -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الحديث حجة للشافعيّ في قوله: الوتر ركعة واحدة.
وتعقّبه القاري بما نقله عن ابن الْهُمَام أن نحو هذا كان قبل أن يستقرّ أمر الوتر.
وتُعُقّب بأنه لا دليل على أن هذا كان قبل استقرار أمر الوتر، ولا على أن الوتر محصورٌ في ثلاث ركعات، فهو مردود على ابن الهمام.
وقال السنديُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "حاشية النسائيّ": قوله: "فإذا خَشِي الصبح، فواحدة" ظاهر الحديث مع أحاديث أخر يفيد جواز الوتر بركعة واحدة، كما هو مذهب الجمهور، والقول بأنه كان، ثم نُسِخَ إثباته مشكلٌ.
وفي رواية للبخاريّ: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا أردت أن تنصرف، فاركع ركعةً توتر لك ما صلّيت".
وفيه ردّ على من ادّعى من الحنفيّة أن الوتر بواحدة مختصّ بمن خَشِيَ