للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الشوكانيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أحاديث الباب تدلّ على أن جميع الليل وقت للوتر، إلا الوقت الذي قبل صلاة العشاء، ولم يخالف في ذلك أحد، لا أهل الظاهر، ولا غيرهم، إلا ما ذُكر في وجه لأصحاب الشافعي أنه يصحّ قبل العشاء، وهو وجه ضعيف صرّح به العراقيّ وغيره، وقد حكى صاحب "المفهم" الإجماع على أنه لا يدخل وقت الوتر إلا بعد صلاة العشاء. انتهى.

وأما آخر وقته فهو إلى طلوع الفجر الثاني، وبعد طلوع الفجر يكون قضاء، وهو المشهور المرجّح الصحيح عند الأئمة الثلاثة: أبي حنيفة، والشافعيّ، وأحمد، وعند المالكية للوتر وقتان: وقت اختيار، وهو إلى طلوع الفجر، ووقت ضرورة، وهو إلى تمام صلاة الصبح، ويكره تأخيره لوقت الضرورة بلا عذر، ويندب قطع صلاة الصبح للوتر لفذّ، لا لمؤتمّ، وفي الإمام روايتان.

قال الحافظ: وحَكَى ابن المنذر عن جماعة من السلف أن الذي يخرج بالفجر وقته الاختياريّ، ويبقى وقت الضرورة إلى قيام صلاة الصبح، وحكاه القرطبيّ عن مالك، والشافعيّ، وأحمد، وإنما قاله الشافعيّ في القديم. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الحقّ هو ما عليه الجمهور من أن وقت الوتر من مغيب الشفق بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الصادق، وبعده يكون قضاء، كما دلّت عليه الأحاديث الكثيرة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم هل الوتر أول الليل أفضل، أم آخره؟:

(اعلم): أنه سيأتي للمصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- في الباب التالي عن جابر -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من خاف أن لا يقوم، من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل"، وقال أبو معاوية: "محضورة".

وأخرج ابن خزيمة -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأبي بكر: "متى توتر؟ " قال: أُوتِر، ثم أَنَام، قال: "بالحزم أخذت"، وسأل