للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ: الأعمش، عن أبي سفيان.

٥ - (ومنها): أن جابرًا -رضي اللَّه عنه- صحابيّ جليلٌ، غزا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تسع عشرة غزوة، وهو من المكثرين السبعة، روى (١٥٤٠) حديثًا، واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ جَابِرٍ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ) "من" يَحْتَمِلُ أن تكون تبعيضيّة، أو بمعنى "في" (فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ) منصوب على الظرفيّة؛ أي: فليصلّ الوتر في أول الليل (وَمَنْ طَمِعَ) بكسر الميم، من باب تَعِبَ، قال الفيّوميُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: طَمِعَ في الشيء طَمَعًا، وطَمَاعةً، وطَمَاعيَةً، مخفّفٌ، فهو طَمِعٌ، وطامعٌ، ويتعدَّى بالهمزة، فيقال: أطمعته، وأكثر ما يُستعمل فيما يَقرُبُ حصوله، وقد يُستعمَلُ بمعنى الأمل، ومن كلامهم: طَمِعَ في غير مَطْمَع: إذا أَمَّلَ ما يَبْعُدُ حصوله؛ لأنه قد يقع كلُّ واحد موقع الآخر؛ لتقارب المعنى. انتهى (١).

والمعنى: أن من وَثِقَ (أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ، فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ) أي: ليصلّ الوتر في آخر الليل، ثم بيّن سبب الحثّ على الإيتار في آخر الليل لمن وثِقَ بالانتباه بقوله: (فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ) الفاء تعليليّة؛ أي: لأن الصلاة في آخر الليل (مَشْهُودَةٌ) أي: محضورة، تحضره ملائكة الرحمة، وقال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يعني تشهدها ملائكة الليل والنهار، ينزل هؤلاء، ويَصعَد هؤلاء، فهو آخر ديوان الليل، وأول ديوان النهار، أو يشهدها كثير من المصلّين في العادة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الاحتمال الثاني بعيد، والحقّ أن المراد به حضور الملائكة، قال الإمام ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ- في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨]: قال الأعمش، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، وعن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنهم-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذه الآية: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}، قال: "تشهده ملائكة الليل


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٧٨.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٢٢٢.