للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذلك بادّخارها في الآخرة، أو بصرف السوء عنه؛ لما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" بسند صحيح، عن أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما من مسلم يدعو بدعوة، ليس فيها إثم، ولا قطيعة رَحِمٍ إلا أعطاه اللَّه بها إحدى ثلاث: إما أن تُعَجَّل له دعوته، وإما أن يُدَّخَرها له في الآخرة، وإما أن يُصْرَف عنه من السوء مثلُها"، قالوا: إذًا نكثرُ، قال: "اللَّه أكثر".

(وَذَلِكَ) أي: المذكور من ساعة الإجابة (كُلَّ لَيْلَةٍ") بالنصب على الظرفيّة متعلّق بخبر اسم الإشارة، يعني أن وجود تلك الساعة لا يختصّ ببعض الليالي دون بعض، بل هو ثابت ومستمرّ في كل ليالي السنة، فينبغي تحرّي تلك الساعة ما أمكن كلَّ ليلة.

قال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذه الساعة هي التي يُنادي فيها المنادي: "من يسألني فأعطيه. . . " الحديث، وهي الثلث الأخير من الليل إلى أن يطلع الفجر، كما يأتي. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ظاهر الحديث يدلّ على أن تلك الساعة تعمّ كلَّ أجزاء الليل، ولكن الأَولى طلبها في النصف الثاني منه؛ لأنه أرجى أجزاء الليل لقبول الدعاء؛ لما أخرجه الترمذيّ، وحسّنه، عن أبي أمامة -رضي اللَّه عنه- قال: قيل: يا رسول اللَّه أيُّ الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات".

فإن تيسّر طلبها في جميع النصف الثاني فذاك، وإلا فلتُطلَب في الثلث الأخير منه؛ لحديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، مرفوعًا: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كلَّ ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير. . . وفيه: "حتى ينفجر الفجر"، متّفقٌ عليه، واللفظ لمسلم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.


(١) "المفهم" ٢/ ٣٨٦.