قال: وقال سحنون: من العلم باللَّه الجهل بما لم يُخْبِر به عن نفسه، قال: وهذا الكلام أخذه سحنون، عن ابن الماجشون، قال: أخبرني الثقة، عن الثقة، عن الحسن بن أبي الحسن، قال: لقد تكلم مُطَرِّف بن عبد اللَّه بن الشِّخِّير على هذه الأعواد بكلام ما قيل قبله، ولا يقال بعده، قالوا: وما هو يا أبا سعيد؟ قال: قال: الحمد للَّه الذي من الإيمان به الجهل بغير ما وَصَفَ من نفسه.
وأخرج أيضًا عن سحنون بن منصور (١)، قال: قلت لأحمد بن حنبل: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى السماء الدنيا"، أليس تقول بهذه الأحاديث؟ ويَرَى أهل الجنة ربهم، وبحديث:"لا تقبحوا الوجوه، فإن اللَّه خلق آدم على صورته"، و"اشتكت النار إلى ربها حتى يضع اللَّه فيها قَدَمه"، وأن موسى عليه السلام لَطَمَ ملك الموت -صلوات اللَّه عليه-؟ قال أحمد: كلُّ هذا صحيح، وقال إسحاق: كلُّ هذا صحيح ولا يَدَعُه إلا مبتدع، أو ضعيف الرأي.
قال أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر، في هذه المسألة، وما أشبهها الإيمان بما جاء عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد والكيفية في شيء منه.
ثم أخرج بسنده عن أحمد بن نصر، أنه سأل سفيان بن عيينة، قال: حديث عبد اللَّه: "إن اللَّه عزَّ وجلَّ يجعل السماء على إصبع"، وحديث:"إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن"، و"إن اللَّه يَعْجَب، أو يضحك ممن يذكره في الأسواق"، وأنه عزَّ وجلَّ ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، ونحو هذه الأحاديث؟ فقال: هذه الأحاديث نَرْوِيها، ونُقِرّ بها كما جاءت، بلا كيف.
وأخرج أيضًا عن الوليد بن مسلم، قال: سألت الأوزاعيّ، وسفيان الثوريّ، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، عن هذه الأحاديث التي جاءت في الصفات، فقالوا: أَمِرُّوها كما جاءت بلا كيف.
قال: وذكر عباس الدُّوريّ، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: شهدت
(١) هكذا النسخة، والظاهر أنه مصحّف من "إسحاق بن منصور"، فليُحرّر.