للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهذا التشبيه، وأما إذا قال كما قال اللَّه تعالى: يدٌ، وسمعٌ، وبصرٌ، ولا يقول: كيف، ولا يقول: مثل سمع، ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيهًا، وهو كما قال اللَّه تعالى في كتابه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]. انتهى كلام الترمذيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو تحقيقٌ مفيدٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

وقال الإمام البغويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح السنّة" بعد إخراجه حديث: "تحاجّت الجنة النار. . . " وفيه: "حتى يضع ربّ العزّة فيها قدمه"، وفي لفظ: "رجله" ما نصّه:

القدم، والرجل المذكوران في هذا الحديث من صفات اللَّه سبحانه وتعالى المنزّه عن التكييف والتشبيه، وكذلك كلُّ ما جاء من هذا القبيل في الكتاب أو السنّة، كاليد، والإصبع، والعين، والمجيء، والإتيان، فالإيمان بها فرضٌ، والامتناع عن الخوض فيها واجبٌ، فالمهتدي من سلك فيها طريق التسليم، والخائض فيها زائغٌ، والمنكر معطّلٌ، والمكيِّف مشبّه، تعالى اللَّه عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]. انتهى كلام البغويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٧٧٣] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ، حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْمَلِكُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ").


(١) "الجامع" (ص ١٦٦ - ١٦٧) نسخة تحقيق الشيخ مشهور حسن.
(٢) "شرح السنّة" ١٥/ ٢٥٧ - ٢٥٨.