للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاحتساب، كالعدّة من الاعتداد، والاحتسابُ في الأعمال الصالحة، وعند المكروهات هو الْبِدَار إلى طلب الأجر، وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البرّ، والقيام بها على الوجه المرسوم فيها؛ طلبًا للثواب المرجوّ منها. انتهى (١).

(غُفِرَ لَهُ) بالبناء للمفعول، جواب "من"، وهو: من الغَفْر، وهو الستر، ومنه الْمِغْفر وهو الْخُوذة (٢)، وفي "العباب": الغَفْر: التغطية، والغَفْر، والغُفْران، والمغفرة واحد، ومغفرة اللَّه تعالى لعبده إلباسه إياه العفوَ، وستره ذنوبه (٣).

قال في "الفتح": وظاهر الحديث يتناول الصغائر والكبائر، وبه جزم ابن المنذر، وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المعروف أنه يختص بالصغائر، وبه جزم إمام الحرمين، وعزاه عياض لأهل السنة، قال بعضهم: ويجوز أن يُخَفَّف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة.

وقال الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه" ظاهره يتناول الصغائر والكبائر، وإلى ذلك جنح ابن المنذر، فقال: هو قولٌ عامٌّ يُرْجَى لمن قامها إيمانًا واحتسابًا أن يغفر له جميع ذنوبه، صغيرُها وكبيرُها.

وقال النوويّ في "شرح المهذَّب": قال إمام الحرمين: كلُّ ما يَرِدُ في الأخبار من تكفير الذنوب، فهو عندي محمول على الصغائر، دون الموبقات، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد ثبت في "الصحيح" ما يؤيده.

فمن ذلك حديث عثمان -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبةٌ، فيُحْسِن وضوءها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت له كفّارةً لما قبلها، ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهرَ كله"، رواه مسلم.

وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصلوات الخمس، والجمعة


(١) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ١/ ٣٨٢.
(٢) الْخُوذة بالضم: المغفر، جمعها خُوَذ، كغُرْفة وغُرَف.
(٣) "عمدة القاري" ١/ ٢٢٦.