للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارةٌ لما بينها من الذنوب، إذا اجتُنِبت الكبائر"، رواه مسلم.

قال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي معنى هذه الأحاديث تأويلان:

[أحدهما]: تكفّر الصغائر بشرط ألا يكون هناك كبائر، فإن كانت كبائر، لم يُكَفَّر شيء، لا الكبائر، ولا الصغائر.

[والثاني]: وهو الأصح المختار أنه يُكَفَّر كل الذنوب الصغائر، وتقديره: تغفر ذنوبه كلُّها إلا الكبائر، قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا المذكور في الأحاديث من غفران الصغائر دون الكبائر، هو مذهب أهل السنة، وأن الكبائر إنما تُكَفِّرها التوبةُ أو رحمةُ اللَّه تعالى. انتهى (١).

(مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ") "ما" نائب فاعل لـ "غُفِرَ"، و"من ذنبه" بيان لـ "ما".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: زاد قتيبة، عن سفيان، عند النسائيّ: "وما تأخر"، وكذا زادها حامد بن يحيى، عند قاسم بن أصبغ، والحسين بن الحسن المروزيّ، في "كتاب الصيام" له، وهشام بن عمار في الجزء الثاني عشر من "فوائده"، ويوسف بن يعقوب النجاحي في "فوائده"، كلهم عن ابن عيينة، ووردت هذه الزيادة من طريق أبي سلمة، من وجه آخر، أخرجها أحمد من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وعن ثابت، عن الحسن، كلاهما عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووقعت هذه الزيادة من رواية مالك نفسِهِ، أخرجها أبو عبد اللَّه الجرجانيّ في "أماليه" من طريق بحر بن نصر، عن ابن وهب، عن مالك، ويونس، عن الزهريّ، ولم يتابع بحر بن نصر على ذلك أحد من أصحاب ابن وهب، ولا من أصحاب مالك، ولا يونس، سوى ما تقدّمناه، وقد ورد في غفران ما تقدم وما تأخر من الذنوب عدةُ أحاديث، جمعتها في كتاب مفرد.

وقد استُشْكِلت هذه الزيادة من حيث إن المغفرة تستدعي سبق شيء يُغْفَر، والمتأخر من الذنوب لم يأت، فكيف يُغفَر؟.


(١) "طرح التثريب" ٤/ ١٦٢ - ١٦٣.