للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ) يعني: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قرأ آية يُذكر فيها التسبيح، كقوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)} [الواقعة: ٧٤]، وقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١] سبّح اللَّه سبحانه وتعالى (وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ) أي: إذا قرأ آية تحثّ على سؤال اللَّه سبحانه وتعالى سأله، وفي رواية أبي داود: "وما مرّ بآية رحمة إلا وقف عندها، فسأل، ولا بآية عذاب إلا وقف عندها، فتعوّذ" (وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ) أي: بآية فيها تعوّذ بأن تُذكر فيها النار، أو الوعيد (تَعَوَّذَ) أي: اعتصم باللَّه تعالى من عذابه.

(ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ) أي: شرع (يَقُولُ: "سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ"، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ) يعني: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- مكث في ركوعه طويلًا قريبًا من طول قيامه (ثُمَّ قَالَ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: "سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى") قيل: الحكمة في تخصيص الركوع بـ "العظيم"، والسجود بـ "الأعلى" أن السجود لَمّا كان فيه غاية التواضع؛ لِمَا فيه من وضع الجبهة التي هي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام كان أفضل وأبلغ في التواضع من الركوع، فحسُن تخصيصه بما فيه صيغة أفعل التفضيل، وهو "الأعلى"، بخلاف "العظيم"؛ ليكون الأبلغ مع الأبلغ، والمطلق مع المطلق، وأيضًا فقد صحّ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أقرب ما يكون العبد من ربّه، وهو ساجد"، فربّما يُتوهّم قرب المسافة، فنُدب "سبحان ربي الأعلى"؛ دفعًا لهذا التوهّم، وأيضًا في السجود غاية الانحطاط من العبد، فيناسبه أن يصف فيه ربّه بالعلوّ (١)، واللَّه تعالى أعلم.

(فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ) أي: في الطول.

(قَالَ) وفي نسخة: "قال مسلم"؛ يعني: صاحب الكتاب (وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ) أي: ابن عبد الحميد (مِنَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ") الزيادة قوله: "ربنا لك الحمد"؛ لأن قوله: "سمع اللَّه لمن حمده"


(١) راجع: "المرعاة" ٣/ ١٩٥.