للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) -رضي اللَّه عنه- (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- طَرَقَهُ) أي: أتاه ليلًا، يقال: طَرَق النجمُ طُرُوقًا، من باب قَعَدَ: طَلَعَ، وكلّ ما أتى ليلًا، فقد طَرَقَ، وهو طارق. قاله في "المصباح"، وفي رواية البخاريّ: "طرقه وفاطمةَ بنت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلةً"، فقوله: "ليلةً" للتأكيد، وحَكَى ابن فارس أن معنى "طَرَقَ": أتى، فعلى هذا يكون قوله: "ليلةً" لبيان وقت المجيء، ويَحْتَمِل أن يكون المراد بقوله: "ليلةً" أي: مرّة واحدة، قاله في "الفتح".

(وَفَاطِمَةَ) بالنصب عطفًا على الضمير المنصوب (فَقَالَ: "أَلَا تُصَلُّونَ؟ ") بضمير الجمع هكذا هو عند المصنّف، والنسائيّ، قال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هكذا هو في الأصول: "تصلّون"، وجمع الاثنين صحيح، لكن هل هو حقيقة، أو مجاز؟ فيه الخلاف المشهور، والأكثرون على أنه مجاز، وقال آخرون: حقيقة. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الراجح أنه حقيقة، وإليه ذهب الإمام مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وشواهده في كتاب اللَّه تعالى وغيره كثيرة، كقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} الآية [التحريم: ٤]، وقوله: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} الآية [النساء: ١١]. واللَّه تعالى أعلم.

وفي رواية البخاري: "ألا تصليان" بالتثنية، وهي واضحة.

(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بيَدِ اللَّهِ) اقتبس عليّ -رضي اللَّه عنه- ذلك من قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} الآية [الزمر: ٤٢]. وفي رواية النسائيّ من طريق حكيم بن حكيم، عن الزهريّ: "قال عليّ: فجلست، وأنا أَعْرُك عيني، وأنا أقول: واللَّه ما نصلي إلا ما كتب اللَّه لنا، إنما أنفسنا بيد اللَّه".

(فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا) أي: إذا أراد اللَّه تعالى أن يوقظنا أيقظنا، وأصل البعث إثارة الشيء من موضعه (فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي: رجع إلى بيته (حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ) وفي رواية كريمة عند البخاريّ: "حين قلنا ذلك".

زاد في رواية البخاريّ: "ولم يَرجع إليّ شيئًا"، أي: لم يُجبني، وفيه أن


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ٦٥.