للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأهل والقرابة لها، قال الطبريُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لولا ما عَلم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من عِظَم فضل الصلاة في الليل ما كان يُزعج ابنته وابن عمه في وقت جعله اللَّه لخلقه سَكَنًا، لكنه اختار لهما إحراز تلك الفضيلة على الدَّعَة والسكون، امتثالًا لقوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} الآية [طه: ١٣٢]. انتهى.

٢ - (ومنها): أمر الإنسان صاحبه بصلاة الليل، وتعهّد الإمام وكبير القوم رعيّته بالنظر في مصالح دينهم ودنياهم.

٣ - (ومنها): أن فيه إثباتَ المشيئة للَّه تعالى، وأن العبد لا يفعل شيئًا إلا بمشيئة اللَّه تعالى، قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الآية [الإنسان: ٣٠].

٤ - (ومنها): أنه ينبغي للناصح إذا لم تُقبَل نصيحته، أو اعتُذِرَ إليه بما لا يرتضيه أن ينكفّ، ولا يُعنّف إلا لمصلحة.

٥ - (ومنها): أن فيه جواز الانتزاع من القرآن، وترجيح قول من قال: إن اللام في قوله: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ} للعموم، لا لخصوص الكفار.

٦ - (ومنها): فيه منقبة لعليّ -رضي اللَّه عنه-، حيث لم يكتم ما فيه عليه أدنى غَضَاضة، فقدّم مصلحة نشر العلم، وتبليغه على كتمه.

٧ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": ونقل ابن بطال عن المهلَّب قال: فيه أنه ليس للإمام أن يشدد في النوافل، حيث قَنِعَ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقول عليّ -رضي اللَّه عنه-: "أنفسنا بيد اللَّه"؛ لأنه كلام صحيح في العذر عن التنفُّل، ولو كان فرضًا ما عذره، قال: وأما ضربه فخذه، وقراءته الآية، فدالّ على أنه ظَنّ أنه أحرجهم، فَنَدِمَ على إنباههم. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: كذا قال المهلّب، وأقرّه ابن بطال، وفيه نظر لا يخفى، بل الأظهر أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما فَعل ذلك كَراهةً لاحتجاج عليّ -رضي اللَّه عنه- بالآية المذكورة، فإن الأولى في مثل هذا أن ينسُب التقصير إلى نفسه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


(١) "الفتح" ٣/ ١٥.