للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لازمة، ويردّه التصريح بأنها تنحلّ بالصلاة، فيلزم إعادة عَقْدها، فأبهم فاعله في حديث جابر، وفُسّر في حديث غيره.

وقيل: هو على المجاز كأنه شُبّه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالمسحور، فلما كان الساحر يمنع بعقده ذلك التصرّف مَن يحاول عقده كان هذا مثله من الشيطان للنائم.

وقيل: المراد به عقد القلب، وتصميمه على الشيء، كأنه يوسوس له بأنه بقي من الليلة قطعة طويلة، فيتأخّر عن القيام، وانحلال العُقَد كناية عن علمه بكذبه فيما وسوس به.

وقيل: العقد كناية عن تثبيط الشيطان للنائم بالقول المذكور، ومنه عَقَدت فلانًا عن امرأته؛ أي: منعته عنها، أو عن تثقيله عليه النوم، كأنه قد شدّ عليه شدادًا.

وقال بعضهم: المراد بالعُقَد الثلاث الأكل، والشرب، والنوم؛ لأن من أكثر الأكل والشرب كثُر نومه. واستبعده المحبّ الطبريّ؛ لأن الحديث يقتضي أن العُقَد تقع عند النوم، فهي غيره.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: لا يخفى على البصير أن الصواب حمل الحديث على ظاهره، فعقد الشيطان على قافيته عقد ظاهرٌ، لا مجازٌ، فكما يعقد الساحر الحبل على المسحور، كذلك الشيطان يعقد العقد الثلاث على قافية النائم، فتبصّر واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الحكمة في الاقتصار على الثلاث أن أغلب ما يكون انتباه الإنسان في السَّحَر، فإن اتفق له أن يستيقظ، ويرجع إلى النوم ثلاث مرّات لم تنقَض النومة الثالثة في الغالب إلا وقد ذهب الليل، وطلع الفجر.

وقال البيضاويّ: التقييد بالثلاث إما للتأكيد، أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء، الذكر، والوضوء، والصلاة، فكأنه مُنع من كل واحدة منها بعقدة عقدها على رأسه، وكأن تخصيص القفا بذلك لكونه محلّ الوهم، ومجال تصرّفه، وهو أطوع القُوَى للشيطان، وأسرعها إجابة لدعوته (١).


(١) "الفتح" ٣/ ٣١ - ٣٢.