للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تُحَلُّ عقدته إلا بالاغتسال، وهل يقوم التيمم مقام الوضوء، أو الغسل لمن ساغ له ذلك؟ محل بحث، قال الحافظ: والذي يظهر إجزاؤه، ولا شكّ أن في مُعاناة الوضوء عونًا كبيرًا على طرد النوم لا يظهر مثله في التيمم.

(انْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَتَانِ) الأولى بالذكر، والثانية بالوضوء، وقال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: تمام عقدتين؛ أي: انحلَّت عقدة ثانيةٌ، وتَمّ بها عقدتان، وهو بمعنى قول اللَّه تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إلى قوله: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: ١٠] أي: في تمام أربعة، ومعناه في يومين آخرين، تمّت الجملة بهما أربعة أيام، ومثله في الحديث الصحيح: "من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى توضع في القبر فقيراطان"، هذا لفظ إحدى روايات مسلم، ورَوَى البخاريّ ومسلم من طرُق كثيرة بمعناه، والمراد قيراطان بالأول، ومعناه أن بالصلاة يحصل قيراط، وبالاتّباع قيراط آخر، يتم به الجملة قيراطان.

ودليل أن الجملة قيراطان رواية مسلم في "صحيحه": "من خرج مع جنازة من بيتها، وصلى عليها، ثم تَبِعها حتى تُدْفَن كان له قيراطان من الأجر، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها، ثم رجع كان له من الأجر مثل أحد".

وفي رواية للبخاريّ في أول "صحيحه": "من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معها حتى يصلى عليها، ويُفْرَغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تُدفَن، فإنه يرجع بقيراط"، وهذه الألفاظ كلها من رواية أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

ومثله في "صحيح مسلم": "من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله"، وقد سبق بيانه في موضعه. انتهى كلام النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

(فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ) بصيغة الجمع؛ أي: العُقَد الثلاث، قال في "الفتح": وظاهره أن العُقَد تنحلّ كلّها بالصلاة خاصّةً، وهو كذلك في حقّ من لم يَحتج إلى الطهارة، كمن نام متمكّنًا مثلًا، ثم انتبه، فصلّى من قبل أن


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ٦٦.