للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد ورد الأمر بصلاة الركعتين الخفيفتين عند مسلم من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، فاندفع إيراد من أورد أن الركعتين الخفيفتين إنما وردتا من فعله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو منزّه عن عَقْد الشيطان، حتى ولو لم يَرِد الأمر بذلك لأمكن أن يقال: يُحْمَل فعله على تعليم أمته، وإرشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان.

وقد وقع عند ابن خزيمة من وجه آخر عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- في آخر الحديث: "فحُلُّوا عقد الشيطان ولو بركعتين"، قاله في "الفتح"، وهو بحث نفيس جدًّا.

[تنبيه آخر]: قال في "الفتح" أيضًا: ادَّعَى ابن العربيّ أن البخاريّ أومأ هنا إلى وجوب صلاة الليل لقوله: "يعقد الشيطان"، وفيه نظرٌ، فقد صرَّح البخاريّ في خامس ترجمة من أبواب التهجد بخلافه، حيث قال: "من غير إيجاب"، وأيضًا فما تقدم تقريره من أنه حَمَل الصلاة هنا على المكتوبة يدفع ما قاله ابن العربي أيضًا.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين، قال ابن عبد البرّ: شَذّ بعض التابعين، فأوجب قيام الليل، ولو قدر حلب شاة، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه، ونقله غيره عن الحسن وابن سيرين، والذي وجدناه عن الحسن ما أخرجه محمد بن نصر وغيره عنه أنه قيل له: ما تقول في رجل استظهر القرآن كله لا يقوم به، إنما يصلي المكتوبة؟ فقال: لعن اللَّه هذا إنما يتوسد القرآن، فقيل له: قال اللَّه تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: ٢٠]، قال: نعم، ولو قدر خمسين آية، وكأن هذا هو مستند مَن نقل عن الحسن الوجوب.

ونقل الترمذيّ عن إسحاق ابن راهويه أنه قال: إنما قيام الليل على أصحاب القرآن، وهذا يخصص نُقِل عن الحسن، وهو أقرب، وليس فيه تصريح بالوجوب أيضًا. انتهى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته: حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا مُتّفقٌ عليه.