للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تكونوا كالأموات في الغفلة عن ذكر اللَّه تعالى، والصلاة، فتكون البيوت لكم قبورًا، مساكن للأموات. انتهى.

[تنبيه]: احتجّ الإمام البخاريُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" بهذا الحديث على كراهية الصلاة في المقابر، فقال: "باب كراهية الصلاة في المقابر"، فاعتَرَض عليه الإسماعيليّ بأن الحديث دالّ على كراهة الصلاة في القبر، لا في المقابر.

ورُدّ عليه بأنه قد ورد الحديث بلفظ "المقابر" كما رواه مسلم الآتي من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر".

وقال ابن التين: تأوّله البخاريّ على كراهة الصلاة في المقابر، وتأوله جماعة على أنه إنما فيه الندب إلى الصلاة في البيوت؛ إذ الموتى لا يصلّون، كأنه قال: لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلّون في بيوتهم، وهي القبور، قال: فأما جواز الصلاة في المقابر، أو المنع منه، فليس في الحديث ما يؤخذ منه ذلك.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن أراد أنه لا يؤخذ منه بطريق المنطوق، فمسلّم، وإن أراد نفي ذلك مطلقًا، فلا، فقد قدّمنا وجه استنباطه.

وقال في "النهاية"، تبعًا لـ "المطالع": إن تأويل البخاريّ مرجوح، والأولى قول من قال: معناه إن الميت لا يصلي في قبره.

وقد نقل ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- عن أكثر أهل العلم أنهم استدلّوا بهذا الحديث على أن المقبرة ليست بموضع الصلاة، وكذا قال البغويّ في "شرح السنّة"، والخطابيّ، وقال أيضًا: يَحْتَمِل أن المراد: لا تجعلوا بيوتكم وطنًا للنوم فقط، لا تصلّون فيها، فإن النوم أخو الموت، والميت لا يصلّي.

وقال التوربستيّ: حاصل ما يَحْتَمِله أربعة معان، فذكر الثلاثة الماضية، ورابعها: يَحْتَمِل أن يكون المراد أنّ مَن لم يصلّ في بيته جعل نفسه كالميت، وبيته كالقبر.

قال الحافظ: ويؤيده ما رواه مسلم: "مثلُ البيت الذي يُذكرُ اللَّهُ فيه، والبيت الذي لا يُذكر اللَّه فيه، كمثل الحيّ والميت".

قال الخطابيّ: وأما مَن تأوّله على النهي عن دفن الموتى في البيوت، فليس بشيء، فقد دُفن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بيته الذي كان يسكنه أيام حياته.