للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه، وفيه أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- أحفظ من روى الحديث في دهره.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "لَا) ناهية، ولذا جزم بها قوله: (تَجْعَلُوا) ولفظ ابن حبّان في "صحيحه": "لا تتخذوا بيوتكم مقابر، صلّوا فيها، فإن الشيطان ليفرّ من البيت الذي يسمع سورة البقرة تُقرأ فيه" (١).

(بُيُوتَكُمْ) بضمّ الموحّدة وكسرها، قاله القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، وهو: جمع بيت (مَقَابِرَ) أي: خاليةً عن الذكر والطاعة، فتكون كالمقابر، وتكونون كالموتى فيها، أو معناه: لا تدفِنُوا موتاكم فيها، ويدلّ على المعنى الأول قوله: "إن الشيطان يفرّ" -بكسر الفاء- أي: يخرج ويَشْرُد، والجملة مستأنفةٌ كالتعليل، أفاده القاري (٣).

وقوله: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "ينفر" هكذا ضبطه الجمهور "يَنْفِر ورواه بعض رُواة مسلم: "يَفِرّ"، وكلاهما صحيح. انتهى (٤). (مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ") والمعنى: أنه ييأس من إغواء أهله ببركة هذه السورة، أو لما يرى من جدّهم في الدين، واجتهادهم في طلب اليقين (٥).

وقال القاضي البيضاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر" أي: كالمقابر خاليةً عن الذكر والطاعة، واجعلوا لها نصيبًا من القراءة والصلاة، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه البقرة؛ أي: ييأس من إغواء أهله وتسويلهم، لما يرى من جدّهم في الدين، ورسوخهم في الإسلام، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا" (٦). انتهى (٧).


(١) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ٣/ ٦٢ رقم (٧٨٣).
(٢) "المرقاة" ٤/ ٦٢٥ - ٦٢٦.
(٣) "المرقاة" ٤/ ٦٢٦.
(٤) "شرح النوويّ" ٦/ ٦٩.
(٥) "المرقاة" ٤/ ٦٢٦.
(٦) حديث ضعيف، أخرجه ابن عديّ في "الكامل" (٧/ ٢٢٤) بلفظ: "من قرأ البقرة وآل عمران عُدَّ فينا"، وفيه قصّة.
(٧) راجع: "الكاشف" ٥/ ١٦٤٠.