وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "إن الشيطان. . . إلخ" استئناف كالتعليل للنهي، كقوله تعالى:{وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ}[هود: ٣٧]، فلا بدّ من بيان وجه المناسبة بين التعليل والمعلّل، وذلك أن معنى التشبيه: لا تكونوا كالموتى في القبور، عارين عن القراءة والذكر، غير منفِّرين للشيطان، ونحوُهُ في النهي قوله تعالى:{وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: ١٠٢]، نهاهم عن أن يموتوا على غير الإسلام، والمراد الأمر بثباتهم على الإسلام بحيث إذا أدركهم الموت أدركهم وهم مسلمون، فكذا هنا المراد أمرهم بقراءة القرآن، والعمل به، والتحرّي في استنباط معانيه، والكشف عن حقائقه، بحيث يصير ذا جِدّ وحظّ وافر من ذلك مراغمةً للشيطان، فقوله:"لا تجعلوا بيوتكم مقابر" كناية عن هذه المعاني. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣١/ ١٨٢٤](٧٨٠)، و (الترمذيّ) في "فضائل القرآن"(٢٨٧٧)، و (النسائيّ) في "عمل اليوم والليلة"(٩٦٥)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٨٤ و ٣٣٧ و ٣٧٨ و ٣٨٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٧٨٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٣٩٠٧ و ٣٩٠٨ و ٣٩٠٩)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٧٧٢)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(١١٩٢)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): الحثّ على صلاة النوافل في البيوت.
٢ - (ومنها): النهي عن اتّخاذ البيت مهجورًا كالقبر لا يُصلَّى فيه، ولا يُذكر اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- فيه.
٣ - (ومنها): الحثّ على قراءة "سورة البقرة" في البيت.