للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة": كانت الْحَوْلاء امرأة صالحةً، عابدةً، مهاجرةً -رضي اللَّه عنها- انتهى (١).

(مَرَّتْ بِهَا) هكذا، في رواية الزهريّ: "مرّت بها"، وفي رواية هشام بن عروة، عن أبيه التالية: "قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَعِنْدِي امْرَأَةٌ"، فظاهره التغاير، فيَحْتَمِل أن تكون المارّة امرأة غيرها من بني أسد أيضًا، أو أن قصتها تعددت، والصواب أن القصة واحدةٌ، ويُبَيِّن ذلك روايةُ محمد بن إسحاق، عن هشام في هذا الحديث، ولفظه: "مَرَّت برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الحولاء بنت تُويت"، أخرجه محمد بن نصر في "كتاب قيام الليل" له، فَيُحْمَلُ على أنها كانت أوّلًا عند عائشة -رضي اللَّه عنها-، فلما دخل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على عائشة -رضي اللَّه عنها- قامت المرأة، فلما قامت لتخرج مَرَّت به في خلال ذهابها، فسأل عنها، وبهذا تجتمع الروايات، أفاده في "الفتح" (٢).

(وَعِنْدَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) جملة في محلّ نصب على الحال من فاعل "مرّت" (فَقُلْتُ) وفي نسخة: "فقالت"؛ أي: بعد أن سألها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عنها، ففي رواية هشام التالية: "فقال: من هذه؟ " (هَذِهِ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُويتٍ، وَزَعَمُوا) تقدّم أنه يُستعمل للقول المحقّق، وإن كان أكثر استعماله فيما كان باطلًا، أو فيه ارتياب (أَنَّهَا لَا تَنَامُ اللَّيْلَ) أي: كلّه، وفي رواية للبخاريّ: "لا تنام بالليل"، ولأحمد عن يحيى القطّان: "لا تنام تصلّي" (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَنَامُ اللَّيْلَ!) هذا قاله النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنكارًا عليها، وكراهة فعلها، وتشديدها على نفسها، يوضّح ذلك ما وقع لمالك في "الموطّأ" في هذا الحديث، ولفظه: "وكَرِه ذلك حتى عُرِفتِ الكراهةُ في وجهه"، قاله النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣).

(خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ) وفي رواية هشام: "قال: عليكم من العمل ما تُطيقون" أي: اشتغلوا من الأعمال بما تستطيعون المداومة عليه، فمنطوقه يقتضي الأمر بالاقتصار على ما يُطاق من العبادة، ومفهومه يقتضي النهي عن تكلّف ما لا يطاق.


(١) "عمدة القاري" ١/ ٢٥٦.
(٢) راجع: "الفتح" ١/ ١٢٥.
(٣) "شرح النوويّ" ٦/ ٧٣.