للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): الحضّ على التخفيف في أعمال النوافل، ويتضمّن الزجر عن التشدّد والغلوّ فيها، قال القرطبي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وسبب ذلك أن التخفيف يكون معه الدوام والنشاط، فيكثر الثواب؛ لتكرار العمل، وفراغ القلب، بخلاف الشاقّ منها، فإنه يكون معه التشويش، والانقطاع غالبًا. انتهى (١).

٢ - (ومنها): كراهة إحياء الليل كله بالعبادة، خشية الفتور، والملل على فاعله، فينقطع عن عبادة التزمها، فيكون رجوعًا عما بذل لربّه من نفسه، ونقل في "الفتح" أن الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- سئل عن قيام جميع الليل؟ فقال: لا أكرهه إلا من خَشِي أن يضُرّ بصلاة الصبح. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي عزاه إلى الشافعيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من عدم كراهته قيام جميع الليل لعله لا يصحّ عنه، كما يرشد إليه ما سيأتي عن النوويّ، وإن صحّ فلا وجه؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كرهه، وأنكره على هذه المرأة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): جواز مدح الإنسان بما فيه من أعمال الخير، إذا لم يُخش عليه الافتتان، وما ورد من النهي يُحمل على خوف الفتنة.

٤ - (ومنها): استحباب الاقتصاد في العبادة، وكراهة التنطّع، والتعمّق فيها.

٥ - (ومنها): أن اللَّه تعالى يعامل عبده بما يعامله به هو، فإن أدام الإقبال عليه، أقبل عليه دائمًا، وإن أعرض عنه أعرض عنه، جزاء وفاقًا.

٦ - (ومنها): أن أحب الدين إلى اللَّه تعالى، وإلى رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- ما داوم عليه صاحبه، وإن كان قليلًا.

٧ - (ومنها): ما قاله النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذا دليلٌ لمذهبنا، ومذهب جماعة، أو الأكثرين: أن صلاة جميع الليل مكروهة، وعن جماعة من السلف أنه لا بأس به، وهو رواية عن مالك، إذا لم يَنَم عن الصبح. انتهى.


(١) "المفهم" ٢/ ٤١٣.
(٢) "الفتح" ٣/ ٤٥ "كتاب التهجّد" رقم (١١٥١).