للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣]، قال: سكر النوم، قال ابن عبد البرّ: ولا أعلم أحدًا قال ذلك غير الضحاك، قال العراقيّ: إلا أن الآية دلت على أن من لا يعلم ما يقول لا يدخل في الصلاة، فمن أداه غلبة النوم إلى ذلك، فهو منهي عن الدخول فيها، ومن إتمامها بعد الشروع حتى يعلم ما يقول". انتهى (١).

٧ - (ومنها): أنه على تقدير أن يُحمل القيام من الليل على نفس الصلاة، فإذا أمر بإبطال الصلاة بعد الشروع فيها عند طروء النعاس، فعدم الدخول أولى بذلك؛ لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء.

٨ - (ومنها): أنه على تقدير أن يُحمَل القيام من الليل على القيام للصلاة، وإن لم يشرع في الصلاة ففيه منع الناعس من قراءة القرآن، ولو كان في غير صلاة، والمعنى فيه ما يُحذَر من تغييره لكلام اللَّه تعالى، وإن كان في الصلاة قدر زائد، وهو أنه إذا لم يعلم ما قرأ من الواجب لم يؤدّ فرضه (٢).

٩ - (ومنها): أنه عَلَّل الأمر في الرُّقاد في حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- بأنه "لعله يذهب، يستغفر، فيسب نفسه وقال في حديث آخر: "حتى يعلم ما يقرأ"، والقدر المشترك بين العلتين خشية التخليط فيما يأتي به من القراءة والدعاء، والأمر في القراءة أشدّ؛ لوجوبها، ولعظم المفسدة في تغيير القرآن.

[فإن قلت]: كيف يؤاخذ العبد بما لا يقصد النطق به من تغيير نظم القرآن أو دعائه على نفسه، وهو ناعس؟.

[أجيب]: من وجهين: أحدهما: أن من عَرَّض نفسه للوقوع في ذلك بعد النهي عنه، فهو متعدّ بالصلاة في هذه الحالة، فجنايته على نفسه، وهذا إذا كان عالمًا بالنهي.

والوجه الثاني: إنا وإن قلنا: إنه غير آثم؛ لعدم قصده، إلا أن المقصود من الصلاة أداؤها على ما أمر به، وتحصيل الدعاء لنفسه؛ لكونه أقرب ما يكون من ربه، وهو ساجد، فإذا فات المقصود بكونه لم يعلم ما أتى به من


(١) "طرح التثريب" ٣/ ٩١.
(٢) "طرح التثريب" ٣/ ٩٢.