للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصلاة، قال: وقال بعض الصوفية، ومتابعيهم: لا يجوز السهو عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- أصلًا في شيء، وإنما يقع منه صورته ليس إلّا، وهذا تناقض مردودٌ، ولم يقل بهذا أحد ممن يُقْتَدى به إلا الأستاذ أبو المظفر الإسفرايينيّ، فإنه مال إليه، ورجحه وهو ضعيف متناقضٌ، ذكره النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم نسيان القرآن بعد حفظه:

قال في "الفتح": اختَلَف السلف في نسيان القرآن، فمنهم من جعل ذلك من الكبائر، وأخرج أبو عبيد من طريق الضحاك بن مزاحم موقوفًا قال: ما من أحد تعلم القرآن، ثم نسيه إلا بذنب أحدثه؛ لأن اللَّه يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠]، ونسيان القرآن من أعظم المصائب.

واحتجوا أيضا بما أخرجه أبو داود، والترمذيّ من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "عُرِضت عليّ ذنوب أمتي، فلم أر ذنبًا أعظم من سورة من القرآن، أوتيها رجل، ثم نسيها"، وفي إسناده ضعف.

وقد أخرج ابن أبي داود من وجه آخر مرسل نحوه، ولفظه: "أعظم من حامل القرآن وتاركه".

ومن طريق أبي العالية موقوفًا: "كنا نَعُدّ من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن، ثم ينام عنه حتى ينساه"، وإسناده جيّد.

ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيح في الذي ينسى القرآن: كانوا يكرهونه، ويقولون فيه قولًا شديدًا.

ولأبي داود عن سعد بن عبادة مرفوعًا: "من قرأ القرآن، ثم نسيه، لقي اللَّه وهو أجذم" (٢)، وفي إسناده أيضًا مقال.


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ٧٦ - ٧٧.
(٢) قال في "الفتح" (١١/ ٢٨٦): واختُلِف في معنى "أجذم" فقيل: مقطوع اليد، وقيل: مقطوع الحجة، وقيل: مقطوع السبب من الخير، وقيل: خالي اليد من الخير، =