للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مخصوص بالنسبة إلى الحفظ والنسيان بالتلاوة والترك. انتهى (١).

وقال الحافظ ولي الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

[إن قلت]: مقتضى الحديث على القول بدلالة "إنما" على الحصر أنه لا مئل لصاحب القرآن سوى المثل المذكور في هذا الحديث، مع أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد ضرب له أمثالًا أخرى، فمنها: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأتْرُجّة، ريحها طيب، وطعمها طيب".

[قلت]: المراد حصر مَثَله في هذا بالنسبة إلى أمر مخصوص، وهو دوام حفظه بالدرس، ونسيانه بالترك، فهو بالدرس كحافظ البعير بالعقل، وفي نسيانه بالترك، كمضيّع البعير بعدم العقل، وأما بالنسبة إلى أمور أخرى فله أمثلة أخرى، والحصر، وإن كان ظاهره العموم، فهو حصر مخصوص، وله نظائر معروفة، واللَّه أعلم. انتهى كلام ولي الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

و"الْمَثَلُ" -بفتحتين، وبكسر، فسكون، وكأمير- الشبْهُ، جمعه: أمثال. والمَثَلُ أيضًا: الصفة، كما في قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [محمد: ١٥]. أفاده في "القاموس".

والمراد أن مثل صاحب القرآن مع القرآن، كمثل صاحب الإبل. . . إلخ.

وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ومعنى صاحب القرآن: أي الذي ألِفَه، والمؤالفة: المصاحبة، ومنه: فلان صاحب فلان، وأصحاب الجنة، وأصحاب النار، وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي، وأصحاب الصُّفَّة، وأصحاب إبل وغنم، وصاحب كنز، وصاحب عبادة.

وقال في "الفتح": وقوله: ألفه؛ أي: ألف تلاوته، وهو أعم من أن يألفها نظرًا من المصحف، أو عن ظهر قلب، فإن الذي يداوم على ذلك يذلّ له لسانه، ويسهل عليه قراءته، فإذا هجره ثقلت عليه القراءة، وشقت عليه. انتهى (٣).

(كَمَثَلِ الابِلِ الْمُعَقَّلَةِ) أي: المشدودة بالعِقَال، والتشديد فيه للتكثير، قاله


(١) "الفتح" ١٠/ ٩٨.
(٢) "طرح التثريب" ٣/ ١٠٤.
(٣) "الفتح" ١٠/ ٩٨.