الأشعريّ الآتي مرفوعًا بلفظ:"تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيًا من الإبل في عقلها".
قال في "الفتح": وحَكَى ابن التين عن الداوديّ أن في حديث ابن مسعود حجةً من قال فيمن ادُّعِي عليه بمال، فأنكر، وحَلَفَ، ثم قامت عليه البينة، فقال: كنت نسيت، أو ادَّعَى بينةً، أو إبراءً، أو التمس يمين المدَّعِي أن ذلك يكون له، ويُعْذَر في ذلك، كذا قال. انتهى (١).
٤ - (ومنها): بيان صعوبة القرآن على المتساهل في مراجعته، ولا ينافي هذا قوله تعالى:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ}[القمر: ١٧]؛ لأن تيسيره بالنسبة من أراد حفظه، واجتهد فيه، وصعوبته بالنسبة من لم يتعاهده، ولم يُجهِدْ نفسه فيه.
٥ - (ومنها): النهي عن قول الإنسان: نَسِيتُ آية كذا وكذا، وإنما يقول: نُسِّيتها، وإنما نُهِي عن الأول دون الثاني؛ لأنه يتضمن التساهل فيها، والتغافل عنها، وقد قال اللَّه تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)} [طه: ١٢٦].
وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أولى ما يتأول عليه الحديث أن معناه ذمّ الحال، لا ذم القول؛ أي: بئست الحالة، حالة من حفظ القرآن، فغفل عنه حتى نسيه. انتهى.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الكراهية للتنزيه.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: يؤيد ما قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما ثبت في "الصحيحين" عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سمع رجلًا يقرأ في سورة بالليل، فقال:"يرحمه اللَّه، لقد أذكرني آية كذا وكذا، كنت أُنسيتها من سورة كذا وكذا"، وفي رواية الإسماعيلي:"كنت نَسِيتُها" - بفتح النون، ليس قبلها همزة، فإنه صارف للنهي عن التحريم إلى التنزيه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف العلماء في متعلق الذمّ من قوله: "بئس":