قال الجامع عفا اللَّه عنه: فتبيّن بما سبق أن الصواب أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَجّع في قراءته قصدًا، لا من هزّ الراحلة، فيُستفاد منه استحباب الترجيع مع مراعاة قوانين القراءة، حتى لا يخرج منها، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد اللَّه بن مغفّل -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣٦/ ١٨٥٣ و ١٨٥٤ و ١٨٥٥](٧٩٤)، و (البخاريّ) في "المغازي"(٤٢٨١) وفي "التفسير"(٤٨٣٥) و"فضائل القرآن"(٥٠٣٤ و ٥٠٤٧) و"التوحيد"(٧٥٤٠)، و (أبو داود) في "الصلاة"(١٤٦٧)، و (الترمذيّ) في "الشمائل"(٣١٢)، و (الطيالسيّ) في "مسنده"(٢/ ٣)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٨٥ - ٨٦) و (٥/ ٥٤ و ٥٦)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٧٤٨)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٣٨٨٤ و ٣٨٨٥ و ٣٨٨٦)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٨٠٥ و ١٨٠٦)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٢/ ٥٣)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(١٢١٥)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): استحباب الترجيع في القراءة، قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى الترجيع تحسين التلاوة، لا ترجيع الغناء؛ لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الظاهر أن ابن أبي جمرة -رَحِمَهُ اللَّهُ- أراد بترجيع الغناء الترجيع الذي يُخرج القراءة عن سنّتها، بإخراج الحروف من غير مخارجها، أو مدّ لا يُمدّ، أو نحو ذلك، وإلا فقد ثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجّع في قراءته، فشرعه لأمته، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
٢ - (ومنها): أن فيه بيان ملازمته -صلى اللَّه عليه وسلم- للعبادة في كلّ أحواله؛ لأنه كان في تلك الحالة راكبًا للناقة، وهو يسير، فلم يترك العبادة بالتلاوة.
٣ - (ومنها): أن في جهره -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك إرشادًا إلى أن الجهر بالعبادة قد