للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مالك، فصرّح قتادة بالتحديث، فسلم من تُهمة التدليس، على أنه في الرواية من طريق شعبة، عن قتادة، وشعبة لا يروي عن شيوخه المدلّسين إلا ما صرّحوا بالسماع، وقد قلت في ذلك:

شُعْبَةُ لَا يَرْوي عَنِ الْمُدَلِّسِ … إِلَّا الَّذِي سَمِعَهُ فَاسْتَأْنِسِ

لِذَا إِذَا رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ أَوْ … قَتَادَةٍ أَوِ السَّبِيعِي مَا رَوَوَا

مُعَنْعَنًا لَا تَخْشَ تَدْلِيسًا فَقَدْ … كَفَاكَهُ هَذَا الإِمَامُ الْمُعْتَمَدْ

(عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ) عبد اللَّه بن قيس بن حضّار بن سُليم الصحابيّ المشهور -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَثَلُ) أي: صفةُ (الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ) أي: ويعمل به، كما وقع في رواية للبخاريّ من طريق شعبة، عن قتادة، بلفظ: "المؤمن الذي يقرآ القرآن، ويَعْمَل به"، وهي زيادة مفسرة للمراد، وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القرآن، ولا يخالف ما اشتمل عليه، من أمر، ونهي، لا مطلق التلاوة. وعبّر بصيغة المضارع لإفادة تكريره لها، ومداومته عليها، حتى صارت دأبه وعادته، كفلان يَقري الضيف، ويحمي الحريم، ويُعطي اليتيم.

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إثبات القراءة في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يقرأ القرآن" على صيغة المضارع، ونفيها في قوله: "لا يقرأ القرآن" ليس المراد منها حصولها مرّة، ونفيها بالكلّية، بل المراد منها الاستمرار، والدوام عليها، فإن القراءة دأبه وعادته، أو ليس ذلك من هِجّيراه، كقولك؛ فلان يَقْرِي الضيفَ، وَيحمِي الحريم. انتهى (١).

(مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ) بضم الهمزة والراء، بينهما مثناة ساكنة، وآخره جيم ثقيلة، وقد تخفف، ويزاد قبلها نون ساكنة، ويقال: بحذف الألف مع الوجهين، فتلك أربع لغات، وتبلغ مع التخفيف إلى ثمانية، قاله في "الفتح" (٢).

وقال في "القاموس": الأُتْرُجُّ، والأُتْرُجَّةُ، والتُّرُنْجُ، والتُّرُنْجَةُ: معروف. انتهى.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٦٣٧.
(٢) "الفتح" ٨/ ٦٨٣ - ٦٨٤.